uïïun  135, 

sayur 2958

  (Juillet  2008)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

idls asrti n "ddahir lbrbari" d imntiln n tiggunçit n lmuvrib

Tinighit tsur di Granadva

Asnfar n raxart

Ur ssinegh

Yagwi...

Sriwrew as, immut

Ad tisgar n ghid a tumlinin

Ismummuyn n tarbat

Memmi

Tugga n wargan

Français

Fès est le Maroc, les reste des indignes

La négation de la culture amazighe

L'égoïsme forcené

Entretien avec le poète Omar Derouich

Encore une victime du pouvoir algérien

Le rapport Amnesty: quel crédibilité?

العربية

الثقافة السياسية "للظهير البربري" وأسباب تخلف المغرب

عندما يكون تعليل المنع أفدح من المنع نفسه

أيور وشهر أيار وباسل

ساعة عباس أوروبية وقانون الأحزاب عنصري

حكم الظالم في بلاد تامازغا

سيدي حمو الطالب، هوميروس الأمازيغ

نبش في الذات

ضجة الصداقة الأمازيغية اليهودية

توظيف التراث الشعبي في الشعر الأمازيغي

الرايسة رقية الدمسيرية

بعد حملة القمع ببومالن دادس وسيدي إفني، أين ستجري الحملة القادمة؟

تظلم السيد أوسعيد لحسن

بيان جمعية أزمز

بيان تامينوت بخصوص الاعتداءات على سكان إفني

بيان تاماينوت فرع لخصاص

بيان التنسيقسة الوطنية للحركة الأمازيغية

بيان تامينوت بقلعة مكونة

بيان المنتدى الأمازيغي للكرامة

بيان جبهة أميواي للعمل الأمازيغي

بيان العصبة الأمازيغية بشأن أحداث إفني

بيان بخصوص القناة الأمازيغية

بيان من أجل إطلاق القناة الأمازيغية

تجديد مكتب ج.م.ح.ن بالحسيمة

بيان الشبكة الأمازيغية

بيان المركز المغربي لحقوق الإنسان بالحاجب

بيان الحركة الأمازيغية بإمتغرن

بيان الشبكة الأمازيغية

بيان تنديدي لجمعية أوسّان

بيان تامونت ن يفوس

 

 

 

توظيف التراث الشعبي في الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف: شعر أحمد الزياني أنموذجا (الجزء 1)

بقلم:اليماني قسوح، أستاذ باحث

تقديم:

تروم هذه المداخلة المتواضعة مقاربة إشكالية مركزية تتمثل في: البحث في العلاقة القائمة بين التراث الشعبي بنصوصه ورموزه وتقاليده القائمة بذاتها، ونصوص من الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف. وترتبط بهذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة من قبيل:

ـ ما طبيعة التراث الشعبي ومظاهره الموظفة في نصوص الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف المختارة للدراسة؟

ـ كيف تشتغل مظاهر هذا التراث وتحضر في متون هذه النصوص؟

ـ ما هي آليات توظيف هذا التراث وأساليبه؟

ـ ماذا يقدمه التفاعل مع التراث الشعبي للشعر الأمازيغي المعاصر بالريف من إضافات وخصائص؟

في مقاربتي للإشكالية أعلاه، وللأسئلة المرتبطة بها، قررت الاقتصار على دراسة أنموذج من النصوص الشعرية للشاعر الأمازيغي أحمد الزياني، الذي يستوجب الأمر التعريف به، وتبرير دواعي اختيار نصوصه للدراسة.

قبل الدخول في الإجابة ما أمكن عن الأسئلة المطروحة أعلاه، تجدر الإشارة إلى أن عنوان مداخلتي هذه يتضمن مجموعة من المفاهيم مثل: التوظيف، التراث الشعبي، والشعر الأمازيغي المعاصر بالريف. هذه المفاهيم أرى أن الأمر يتطلب تعريفها وتوضيحها لرفع أي لبس قد يعتري فهم المتلقي لها. فما المقصود بالتوظيف؟ وماذا يراد بالتراث الشعبي والشعر الأمازيغي المعاصر بالريف؟

أولا: تحديد المفاهيم:

أ ـ مفهوم التوظيف: عملية تعالق واعية غير اعتباطية تتم بين النصوص. تتمثل في استحضار واستدعاء واستلهام لنصوص سابقة أو معاصرة في نصوص لاحقة، أي: إقامة تفاعل وتلاق وتقاطع وحوار بين هذه النصوص السابقة واللاحقة. تتعدد وتتنوع أشكالها ومستوياتها من دارس أو ناقد لآخر، حيث ظهرت كثير من الدراسات التي تحدثت عنها في إطار ما يسمى بمفهوم التناصINTERTEXTUALITE بكثير من الغموض والاضطراب وتعدد الدلالات. مما حال دون وضع تعريف جامع مانع لهذا المفهوم الأخير، لاختلاف التيارات النقدية التي تعاملت معه، ولاختلاف المنهج أو المنطلق الذي اتخذه دارسوه من أسلوبية وبنيوية وسيميائية وتفكيكية ونفسية...1

إن عملية توظيف واستلهام نصوص سابقة أو معاصرة في نص أو نصوص أدبية لاحقة عبر خلق جسر التفاعل والحوار معها ليس أمرا سهلا، بل هي عملية معقدة تحتاج إلى تجريب واطلاع ودراية، سيما إذا كانت النصوص المراد توظيفها تنتمي إلى التراث، والهدف من وراء هذا التوظيف صياغة كتابة إبداعية جديدة لا تنظر إلى التراث الشعبي في تراثيته، أو تزيين هذه الكتابة بالتحف والعناصر التراثية الشعبية.

ب ـ مفهوم التراث الشعبي: يشير العديد من الدارسين إلى أن التراث الشعبي عرف تطورا في اللفظ والدلالة، قبل أن يصبح مصطلحا شائع الاستعمال، يحيل مفهومه على ما أنتجه الشعب بأفراده وجماعاته خلال الأجيال وفي مختلف المجالات من ثقافة وحضارة... وما انتقل إليه نتيجة اتصاله بغيره من الشعوب فاقتبس منها معارف وخبرات... كما هي، أو طورها حتى توافق مزاجه وفطرته. ويبرز ذلك في مجموعة من الأنماط التي يمارسها في شعوره ولاوعيه، وفي توافق مع نفسه وبيئته.2

اختلف الدارسون في الغرب، كما في الشرق حول موضوع التراث الشعبي.3 الذي احتدم حوله النقاش خاصة مع تطور العلوم الإنسانية وانتشارها، واتساع دائرة الاهتمام بها لدى الشعوب، وكثرة وتنوع طرق ومناهج وزوايا مقاربته ودراسته4. ونتيجة لذلك،حصل تراكم معرفي مهم، اتسع معه مفهوم التراث الشعبي، وأصبح يدل على كل ما ينتجه الشعب في الميدانين المادي والأدبي في ماضيه وحاضره، بجميع طبقاته، بدائية كانت أم متحضرة. تبدو ظواهره فيما يمارسه الشعب من عادات وتقاليد، وما يتمثله من قيم وأخلاق، وما يحسه من مشاعر ووجدان وما يتداوله من قصص وحكايات وأمثال وأشعار، وما يزاوله من فنون وصناعات تقليدية موروثة. كلها تعيش في أعماقه الواعية واللاواعية، يحسها مرة ولا يحسها مرات، ولكنها أبدا معه في حياة مستمرة، تكيف مزاجه، وتطبع شخصيته وتميزها، وتشغل بذلك وجوده5.

يمكن تقسيم التراث الشعبي ومواده إلى أربعة أقسام رئيسية هي6: 1 – الأدب الشعبي. 2- العادات والتقاليد الشعبية. 3 – الثقافة المادية والفنون الشعبية. 4 – المعتقدات والمعارف الشعبية.

يتميز التراث الشعبي بعدد من الخصائص، وبأدائه لعدة وظائف، فهو متنوع ومتعدد الأنماط،وهو حصيلة الإبداع الفردي و الجماعي، ويتصف بالعراقة والأصالة، وبالبعد الوطني والقومي والإنساني، وبالشفوية والقدرة على المرونة والتطور والتلاؤم، وبتعدد أساليب التواصل والانتشار7.

وبالنظر إلى ما يختزنه التراث الشعبي من عناصر إيحائية ورمزية حكائية وأسطورية وغيرها، فقد شكل مصدرا ومرجعا للأدباء لتوظيف هذه العناصر واستلهامها في إبداعاتهم بالشكل الذي ساهم ويساهم في نسج علاقة تلاقح بين الجانبين، فيكتسب التراث حيوية جديدة، في الوقت الذي تكتسب النصوص الأدبية المكتوبة بعض مقومات التجديد والتميز وتطور أجناسها.

أثناء قراءتي لعدد من إبداعات الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف، أثار انتباهي حضور مظاهر من التراث الشعبي وبعض مكوناته في متون نصوص هذه الإبداعات الشعرية، مما دفعني لاختيار موضوع هذه المقاربة المتواضعة.

ج ـ الشعر الأمازيغي المعاصر بالريف:

أقصد به مجموعة من الإبداعات الشعرية التي ظهرت منذ العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي. مع تحول الأدب الأمازيغي من مرحلة الشفوية إلى مرحلة الكتابية، وانبعاث الوعي الأمازيغي العصري، وظهور مجموعة من الفعاليات الأمازيغية التي اشتغلت في إطارات وتنظيمات جمعوية منتمية إلى الحركة الأمازيغية على رأسها جمعية الانطلاقة الثقافية8، وبعض التنظيمات السياسية اليسارية والتقدمية، التي عملت على تقديم الدعم والتأطير والتنظيم في المجال الثقافي، في الوقت الذي تمكن فيه عدد من أبناء وبنات الريف من ولوج المدرسة والجامعة، مستفيدين بشق الأنفس من هامش التعليم العصري الذي استفادت منه بعض المناطق من الريف.

تمت أجرأة هذه البداية الصعبة 9 من قبل مجموعة من الشعراء الشباب ذوي مستويات ثقافية متباينة، حاول هؤلاء من خلال مواهبهم أن يخرجوا إبداعاتهم الشعرية مكتوبة على الورق، كانوا يرسلونها عبر البريد إلى الإذاعة الوطنية قسم اللهجات لتبث على الأثير، والمشاركة بها في مهرجانات وندوات الشعر الأمازيغي التي نظمتها جمعية الانطلاقة الثقافية 10. في هذه الأجواء، ظهر مجموعة من الشعراء الذين أسسوا للشعر الأمازيغي المعاصر بالريف من خلال مجموعة من القصائد الموحدة والملتزمة، ذات الربط الموضوعي والفني والشعوري. تتمثل هذه المجموعة في الشاعر سعيد موساوي، ومرزوق الورياشي، وأحمد القادري11. منهم من استكمل مشواره الإبداعي، ومنهم من توقف12. ولم يتمكن أي شاعر خلال هذه الفترة من إصدار ديوان شعري، بل لوحظ خفوت وتراجع لبعض الأصوات خلال الثمانينيات من الفرن الماضي. ويعزى ذلك إلى الظرفية السياسية، حيث تعرض ذلك الهامش أو الانفتاح الذي عرفته أواسط السبعينيات للتقلص والتضييق مما فتح المواجهة بين الحكم والمعارضة على المستوى الوطني13. وقد كان لهذا التشدد السلطوي أثر مباشر على الإبداع الأمازيغي وتأثير على الفاعلين في الحقل الأمازيغي. ومع ظهور نوع من الانفراج مع بداية التسعينيات من القرن الماضي، عادت نوع من الدينامية إلى الحقل الإبداعي والثقافي والتنظيمي الأمازيغي. وتؤرخ سنة 1992 لبداية ظهور أول ديوان شعري مطبوع للشاعر الفقيد سلام السمغيني تحت عنوان « ما توشيد ئيك رحريق ئينو؟» لتتوالى بعد ذلك صدور مجموعة من الدواوين التي وصل عددها، الذي يظل غير حصري، إلى إثنين وعشرين ديوانا.

ثانيا: التعريف بالشاعر أحمد الزياني وبديوانه: «أذ-اريغ ك – زرو» المختار للدراسة.

أ ـ الشاعر أحمد الزياني:

يعتبر أحمد الزياني أول شاعر حقق أكبر تراكم شعري مطبوع في شكل دواوين من خلال إصداره لثلاثة دواوين شعرية. الأول هو الذي نحن بصدده قيد الدراسة، والثاني بعنوان: "ثريوريوت ي مولاي"(زغرودة للعريس)، والثالث بعنوان "Ighembab yarezun x wudem-nsen deg wudem n waman" (الوجوه التي تبحث عن نفسها على صفحة الماء).

ولد الشاعر أحمد الزياني سنة 1954 بدار الكبداني بآيث سعيد إقليم الناظور، عصامي التكوين، مهاجر بالديار الهولندية. وللشاعر اهتمام بالرواية وبالمسرح، إذ ألف مسرحية بعنوان: "نونجا" وظف فيها حكاية شعبية تعرف ب"نونجا"، واعتمد فيها المقاربة الكلاسيكية من خلال التركيز على الصراع بين الخير والشر. كما شارك الشاعر أحمد الزياني في عدة مهرجانات شعرية وأمسيات ثقافية وفنية، محليا ووطنيا ودوليا، وحصل على شواهد تقديرية من جمعيات ومؤسسات ثقافية.

استطاع الشاعر أحمد الزياني من خلال دواوينه الثلاثة تحقيق تراكم نوعي في مجال الإبداع الشعري بالريف، ويمثل تيار التجديد والتحديث في هذا الشعر، خاصة في ديوانه الثالث الذي عبره فتح طريقا جديدا في الشعر الأمازيغي، وأحدث قطيعة مع التراث على مستوى الإيقاع والوزن، مقارنة مع باقي الشعراء الريفيين 14.

أ ـ تقديم المتن المدروس: ديوان:»أذ-اريغ ك-زرو لأحمد الزياني:

يحمل الديوان الشعري الذي نحن بصدده العنوان التالي: "أذ-اريغ كـ-زرو" أي: سأكتب على الصخر". وهو عنوان القصيدة الأولى في الديوان التي يتمحور موضوعها حول التعبير عن الوعي بالهوية الثقافية واللغوية، وبفعل كتابة اللغة وأهميتها، مع تحديد طبيعة هذه اللغة، ووظيفة الكتابة، ودعوة المتلقي للمشاركة في هذا الفعل. وهذا يعني أن هذه القصيدة تعد مفتاح القصائد الأخرى، وهي التي تعبر أكثر عن طبيعة التجربة الشعورية لدى الشاعر أحمد الزياني الذي أصدر الديوان سنة 1993 في طبعتين الأولى بهولاندا، والثانية بالمغرب والتي جاءت بقناعة من الشاعر أحمد الزياني الذي أورد -في هذا الصدد- كلمة جاء فيها: "عندما أصدرت الطبعة الأولى من ديواني "أذ-اريغ-كـ-زرو" بهولاندا، كنت دائما أشعر أني قصرت في حق أبناء بلدي المغرب، كونهم سيحرمون من تصفح هذا الديوان، خاصة وأنه تناول بعض الظواهر المرتبطة بالمواطن المغربي عامة، والريفي خاصة، من هنا جاءت فكرة إعادة طبع هذا الديوان بالمغرب"15.

تحمل الواجهة الأمامية للغلاف الخارجي للديوان صورة رسم منقوش للفارس الأمازيغي الرافع لقرص الشمس المشعة (أبيزار) وعلى يمينه نقش بحروف "تيفيناغ". والصورة ملتقطة من جبال القبائل بالجزائر تعود إلى العهد الحجري الجديد16. وفي أسفل الصورة كتب عنوان الديوان بخط آرامي بلون أحمر، وأسفله التعيين الجنسي (قصائد ريفية). وفي أعلى الصورة اسم المبدع صاحب الديوان أحمد الزياني. وأعلى الاسم تم إثبات دار النشر: "يزوران"، سلسلة الشعر الأمازيغي.

وفي الواجهة الخلفية للغلاف نجد صورة الشاعر واسمه، ومقطعا شعريا من أربعة عشر بيتا شعريا من القصيدة السابعة في الديوان المعنونة "بعلال".

يتضمن الديوان إحدى وعشرين قصيدة، كتبت بالخط الآرامي موزعة على ست وخمسين صفحة من الحجم المتوسط (13/20,5). مواضيعها تعالج قضايا وظواهر يتداخل فيها المحلي بالوطني، والقومي بالإنساني. محملة بعدة أسئلة منها: أسئلة الهوية والوعي بالكتابة القصيدة الأولى: أذ-اريغ-كـ-زرو، وأسئلة المجتمع. وفي هذا الصدد استأثر موضوع الهجرة وبعض أسبابها ومشاكلها حيزا هاما ضمن اهتمامات الشاعر في هذا الديوان القصيدة الثالثة: "أرقيا"، والخامسة "اذارث –ا- ييذورار" والسابعة: "علال"، والثانية عشر: "احيحاه" والخامسة عشرة: "ا-رعون يصوظن" والسادسة عشرة "ييسي وظارينو"، وفي ديوانه الثالث. ولذلك لقب بشاعر الهجرة والمهاجرين، هذا إلى جانب معالجة موضوع المرأة والحب.

ومن الأسئلة الأخرى، سؤال الجغرافيا والتاريخ القصيدة العاشرة: سيورن يذورار ن–اريف، وسؤال الوجود والحقيقة والإنسان القصيدة السادسة: "وياش تيغايين يكذحان ذ-يزغران"، والتاسعة: نظ أزمان نظ"، والحادية عشرة: "نقار زمان واريحري"، والسابعة عشرة: "صبارا – ايورينو".

ترتبط اللحظة الشعرية عند الزياني في ديوانه الأول "أذ-اريغ-كـ-زرو" بالتجربة الشخصية ارتباطا وثيقا، حتى أنها تتحدد في إطارها العام بتجربة الاغتراب ومآسيه. وتتميز بالصدق والأمانة في الإفصاح عن ذاتها كتجربة إنسانية معاشة تعيد صياغة معطيات الواقع بعيدا عن أي التزام بقوالب جاهزة، أو معالجة قضايا لا تتصل بتجربة الشاعر الحقيقية التي قد تجعل الإبداع مغتربا عن نطاق حياة الغربة أو الهجرة التي عاشها الزياني، وعاناها وخبر أحزانها وخباياها الأليمة. ولهذا، فالغربة هي الموضوعة المركزية داخل الديوان، والتي تكثف حضورها وتبسط سلطتها من خلال هيمنتها على مساحة كبيرة من مضمون القصائد، وتسرب رموزها وصورها إلى القصائد الأخرى التي تتعرض لموضوعات مغايرة، مما جعل الديوان محكوما بأجواء الاغتراب والغربة والحنين17. من هنا، فالشاعر أحمد الزياني، يمتح رؤاه- مكتويا بحرقة التجربة الإبداعية وهمومها- من غربته القاسية داخل الذات الممزقة في هذا الوجود المعذب، وداخل تضاريس الضياع المسيحية بالهجرة والبعد عن الوطن. ولذلك يفوح دوما من جسد نصوصه عبير جبل الريف الزكي، والذي يظل حاضرا بتراثه وحكاياته، بإنسانه وحقله، بأعراسه ومآتمه، وبجبروته وضعفه... في إطار نسيج خيالي مناسب، في قالب لغة شعرية مجنحة ومحكمة"18.

يجسد ديوان "أذ-اريغ كـ- زرو" ويؤكد المرور إلى الكتابي في سكون / هدوء وصفاء دون إحداث قطيعة مع التقليد الشفاهي19. لقد أصبح توظيف التراث قوام الكتابة الشعرية عند عدد من الشعراء الأمازيغ بالريف منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، ويعتبر أحمد الزياني من هؤلاء، إذ تمكن من استلهام التراث الشعبي، وتوظيف عناصره في إطار التأسيس لكتابة شعرية متميزة على المستوى الفني والجمالي. من هنا جاءت مقاربتنا لمتون قصائد ديوانه الأول، الثاني من حيث الدواوين الصادرة بالريف، للبحث في تجليات توظيف هذا التراث وأصنافه وأشكاله وحجمه وتجلياته، والكشف عن مستويات التناص وأنماطه المرتبطة بهذا التوظيف.

ثالثا:حجم حضور التراث الشعبي في الديوان.

يبدو من خلال جرد مظاهر التراث الشعبي في ديوان الشاعر أحمد الزياني "اذ-اريغ كـ- زرو" الحضور المهم لهذا التراث، سواء على مستوى الكم (أكثر من ثمانية وأربعين مقطعا)، أم على مستوى النوع، إذ مكنتنا عملية الجرد أيضا من تصنيف مظاهر التراث الشعبي حسب أجناس هذا الأخير وأقسامه20. وفي هذا الصدد، رصدنا عشرين مقطعا ضمن الأدب الشعبي الذي بهذا العدد من المقاطع تصدر قائمة أجناس التراث الشعبي الموظفة في الديوان.

ويتوزع هذا الجنس إلى أقسام تتصدرها الأمثال والحكم الشعبية، إلى جانب الموروث الحكائي والأسطوري، وبعض مظاهر التشبث بجوانب من تقاليد النظم الشعري التقليدي.

بعد الأدب الشعبي، تأتي المعتقدات والمعارف الشعبية وأسماء الأعلام البشرية والجغرافية والتاريخية بخمسة عشر مقطعا، تتصدرها الأعلام البشرية والجغرافية (أنظر الجدول أسفله) متبوعة بمقطعين أحدهما يجسد انتشار مظاهر السحر بالمجتمع الذي يتعرض له الشاعر في ديوانه، والآخر يكشف عن انتشار ظاهرة زيارة الأضرحة وتقديم الذبائح لها.

وفي المرتبة الثالثة، تأتي العادات والتقاليد الشعبية بتسعة مقاطع تعكس بعضا من عادات الخطبة والتقاليد المرتبطة بالزواج والزفاف (بأربعة مقاطع)، وعادات متصلة بتربية الأبناء من قبل أمهاتهم (بمقطعين)، وبعض مظاهر الحياة العملية للمرأة الريفية القروية (بمقطعين)، إضافة إلى مقطع يجسد التوق إلى استعادة قيم التشبث بالأرض والعمل والتضامن والفرح والغناء.

وفي الأخير، تأتي الأشكال التراثية المادية والفنون الشعبية بستة مقاطع تعكس بعضا من أشكال الغناء الشعبي، وألعاب الأطفال الشعبية، وجوانب من النشاط الفلاحي التقليدي (انظر الجدول أسفله).

رابعا: تجليات حضور التراث الشعبي في الديوان.

   (يتبع في العدد القادم)

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting