Uttvun 73, 

Semyûr 2003

(Mai 2003)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

Is d amezwaru n uneggar n umyey Ufqir?

Lhefyani nigh tifuzzvert n tughemsa tuoerbent

Uccen d yinsi

Timessunam n imazighen

Aghuyyi n ulezruy

Anazur yetwattun

Awujil war aytmas

Azzel d awi

Di reorasi

Gar amghar

Issi d tissit

Ma s tyid aneslem

Min ghad yinigh

Sfeld zari oafak

Tamurghi

Yedjis n dcar inu

Français

Les cinq péchés insolubles de l'être amazigh

De la toponymie d'Alhuceima

 Diaspora de la communauté amazighe au Canada

Différents procédés dans la création néologique en tamazight

Amazighs et autres, otages du Baât de Saddam

La femme et sa journée internationale

Pour sortie l'oriental de la marginalisation

Propositions pour améliorer tifinagh

العربية

هل هي بداية نهاية أسطورة أفقير؟

أن يكون المرء ذاته فتلك هي الحياة

عن النزوع الأمازيغي وهفواته

مستقبل الأمازيغية على ضوء كتابتها بتيفيناغ

مفاسد الاغتيال اللساني

إتنوغرافية رقصة إحيدوس

لغتي جميلة

مكالمات إلى الكنكو تؤدي ثمنَها تاويزا

بيان تضامني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب

بيان لجمعية تلفراوت

بيان لجمعية تيفاوت

بيان استنكاري لمحمد أوشري

تأسيس جمعية تيفاوت

بيان لجمعية تافسوت

بيان لجمعية تامينوت بتيمولاي

 

إتنوغرافية رقصة ”أحيدوس“ (قبيلة آيت سدارت الجبلية نموذجا)

(الجزء الأول)

بقلم: دمامي الحسين (ورزازات)

1 ـ مفعول الثقافة في المجتمع التقليدي: يعتبر البناء الثقافي التقليدي بناء منسجما مع البناء الاجتماعي التقليدي على أساس أنه يتم بالموازاة معه ويسعى إلى تجسيد قيمه ومعاييره لصيانتها وإعادة إنتاجها بنقلها بوسائط احتفالية/طقوسية كوسائط تربوية جماعية موازية للتربية الأسرية، اعتبارا لمركز الأسرة ـ في المجتمع التقليدي ـ كوحدة اجتماعية محورية يتكامل فيها الإنتاج والاستهلاك المادي بالدرجة الأولى، ثم كوحدة ثقافية يتكامل فيها كذلك الإنتاج الثقافي (أساسا إعادة الإنتاج الثقافي) والاستهلاك الثقافي انطلاقا من مجموعة من القيم المرسَّخة التي تحدد وظائف مكونات الأسرة من الصغار والكبار، مع مراعاة الفوارق الجنسية كأولى الفوارق البارزة داخل النواة الأسرية، حيث يحدد التقسيم الجنسي للأدوار ـ كإيديولوجيا ـ دور كل عضو في الأسرة ويحد من أية محاولة لقلبها تجنبا لأية مواجهة أسرية تستهلك طاقة الأسرة وتقلص من قدرتها الإنتاجية المولدة لاستقلالها الاستهلاكي في المرحلة الأولى، ثم تقلص قدرتها التنافسية في علاقتها بالأسر المنافسة داخل بنية انقسامية تلعب فيها إيديولوجيا القرابة دورا مهما في الإستراتيجية العائلية.

إن ضغط الأسرة على أعضائها بإلزامهم باحترام الأدوار الاجتماعية المسندة سلفا في النسيج الثقافي لا يتم بمعزل عن الضغط الخارجي الذي تمثله الأسر المناوئة للشكل الانقسامي حيث المهمة الأولى لأرباب الأسر كأسياد على إنتاج الأرحام هي الظهور بمظهر المحافظين على استقرار توزيع الأدوار للحيلولة دون ردود فعل خارجية تحملها تعابير أرباب الأسر المنافسة اللغوية والجسدية مثل الأشعار وملامح الوجه.

يترتب عن الضغط الأسري الدفع بالأسر في القبيلة إلى أن تظهر بمظهر من يحترم القيم الثقافية المتعارف عليها والموشومة بخاتم الأجداد: إذ تصبح مهمة الأسرة هي حماية إرادة الأسلاف بدل التمرد عليها لأن الخروج عن الطريق المستقيم للأسلاف من علامات اللعنة. ومن تجليات احترام إرادة الأجداد على صعيد الحياة اليومية الاحتراس من منح سلطة المشورة للإناث لأنها تدمر وحدة الذكور باعتبارهم جند الأسرة وتزعزع بالتالي وحدة الصف العائلي أمام الأسر الأخرى.

إن الفرد الذكر في البنية الثقافية التقليدية لا يحمي امتيازات يتمتع بها من جراء الفوارق البيولوجية، بل ينفذ إرادة أسلافه الحكيمة، أو يرعاها للحصول على نفس المردودية ـ الفعلية والافتراضية ـ التي تظل الذاكرة الأسرية تحفظها للأسلاف وهي العيش والبقاء في وئام ودون عوز أو حاجة للأغيار أو الخضوع لهم، علما أنه في الثقافة التقليدية النموذج يوجد مكتملا في خزانة الماضي البعيد وفي ثنايا الأسطورة العائلية والقبلية حيث يصبح التاريخ كتسلسل زمني مقصيا، إذ لا نجد تذكرا للحظات الفاصلة بين لحظة التأسيس (لحظة الجد الأول الفعلي أو الوهمي) واللحظة الراهنة لأنها في حكم إعادة الأصل وصيانته. خصوصا أن الذاكرة القروية ـ رغم ما يقال عن قوتها ـ لا تتجاوز غالبا ثلاثة أجيال، أي ما يقارب قرنا واحدا. ولا يحضر التاريخ إلا كلما اضطربت صورة الماضي المجيد في تصرفات الخلف، وهو اضطراب يعزى لعدم احترام ما قاله الأولون الذين لم يتركوا لمن يليهم أية فرضية للتعقيب أو إعادة النظر، وخير دليل على ذلك المثل الأمازيغي ـ بواحة دادس ـ القائل: "Ur udjin imezwura mami ttalesen imeggura". فهذا المثل الذي يكثر ترديده على ألسنة المسنين من الجنسين في مواجهة مظاهر التغير التي لم يعتادوها يظهر لنا الطابع المغلق للثقافة التقليدية.

2 ـ رقصة أحيدوس كأداة للتنشئة الاجتماعية بواسطة ثقافية: في ظل هاته الثقافة المنغلقة على ذاتها تتحدد لنا وضعية رقصة أحيدوس من وجهة أنتروبولوجية كأداة تربوية لصيانة الموروث الثقافي، ليس باعتماد مدارس ومناهج مدرسية، ولكن باعتماد تحيين تلك الثقافة في الحياة العملية واليومية التي تصبح رقصة أحيدوس تتويجا لها وتعبيرا عن توزيع الأدوار والاستسلام له.

ومما يزيد من قوة وديمومة مفعول الثقافة التي تنقلها رقصة أحيدوس أنها تتم بشكل احتفالي لا يظهر عليه أي قهر أو ضغط مباشر يمارس على أعضاء الجماعة. ففي تكرار شكل الرقصة أو تنميطها الإبقاء على جوهر موضوعاتها الإنشادية رغم التنويعات اللغوية التي يستدعيها الإبداع الشعري لحظة النظم. في هذه النمطية انسجام مع ثقافة أو ذهنية مكتملة أو ذهنية مستقرة لمدى طويل تعيد نفسها دون أن تطرح أي شك على الأشخاص الذين يقومون بذات الأدوار في إنجازها دون رغبة في تغييرها.

عندما تقام رقصة أحيدوس في المرقص، فإن هذا الأخير يصبح مركز القرية الذي يجذب إليه كل الناس الذين يتفرقون أثناء إنجاز مهامهم اليومية في الحقول وأماكن الاحتطاب والمنازل. إن المرقص كمركز جغرافي لا يستقل عن المركز الرمزي الذي يمثله لحظة إنجاز الرقصة حيث يعاد تحيين القيم الثقافية بحضور غالبية أعضاء القرية إن لم يحضر الجميع. إذ من اعتاد الحضور يحضر ليسجل تواجده، فيما الفتيان والفتيات يأتون ليتمدرسوا بتعلم الرقصة من خلال الرقص والتحضير للعب دور الزعامة بالنسبة للذكور فيما يتعلق بالنظم والإلقاء الشعري بغية الحصول ـ فيما بعد ـ على استحسان الحاضرين الذين يتفرجون في العروض أو يساهمون في إنجازها، لأن عرض أحيدوس ليس عرضا تجاريا أو احترافيا ـ في البنية الثقافية التقليدية ـ بل عرضا جماعيا ترى الجماعة صورتها فيه. فالجمهور المتفرج ينتظر دوره للإلقاء الشعري والمشاركة في الرقصة تبعا لتتابع الفرق حسب الدواوير أو مجموعات الشباب في حالة نفس القرية، فيما الكبار يأتون للتنشيط والمراقبة. كما نجد في المرقص الزوج والزوجة وأبناءهما من الجنسين وأقاربهما دون أية موانع أخلاقية أو ذاتية. ففي رقصة أحيدوس يتم تكسير الخجل ـ مثلا ـ الذي يكون مطلوبا في الحياة المنزلية وفي السير العادي للعلاقات الاجتماعية.

إذا كان الحضور الجماعي للمرقص يمثل خرقا لضوابط العلاقات الاجتماعية في الحياة اليومية، فإنه في نفس الوقت نجد الرقصة ترسم الحدود بين الجنسين، كأن الخرق الليلي للأدوار في الرقصة ليس إلا فوضى مؤقتة أو طقوسية لتأهيل كل الأعضاء لقانون النهار.

إن شكل الرقصة قبل مضامينها الشعرية يجسد ادوار الذكور والإناث، وهي أدوار محددة سلفا في الحياة اليومية بشكل عملي في الأسرة ولا تعمل الرقصة إلا على الامتثال لها، لكن خارج سلطة فرد واحد هو رب الأسرة ومن خلفه الأم كراعية للتقاليد ومربية لأطفالها على الامتثال لثقافة الأجداد وعادات أهل العشيرة والقبيلة. فالرقصة جماعية الأداء، وتوزيع الدوار يتم بشكل جماعي: إذ لا يمكن لأي طرف من الجنسين أن يغير منها شيئا. فكل طرف يحضر وهو يعرف سلفا موقعه وما عليه القيام به.

يأخذ شكل أو هندسة رقصة أحيدوس في قبيلة آيت سدارت الجبلية شكلا دائريا إذا أخذنا بعين الاعتبار أمكنة المتفرجين. أما داخل المرقص فيتقابل صف الذكور مع صف الإناث. في هذا التقابل نجد فصلا بين الجنسين من خلال مسافة يعمل الراقصون أثناء دورانهم على الحفاظ عليها. وحتى فيما يتعلق بالمشاهدين نجد الفصل الجنسي قائما، إذ يشرف "أمغار ن وحيدوس" على تحديد الأمكنة وطرد كل شخص ذكر تسلل إلى القرب من الإناث، فأحرى الجلوس معهن (علما أن منطق الذكورة والرجولة يمنع الذكور من الجلوس بين الإناث). كما أن "أمغار ن وحيدوس" هو الذي يحث الفتيات ويشجعهن في حالة ترددهن عن القيام إلى الرقصة بتهديدهن بإدخال المصباح أو إطفاء الضوء وإنهاء الحفل. 

3 ـ وضعية الأصيل والغريب من خلال رقصة أحيدوس: وأول من يلج المرقص (أرنار) هم الذكور الذين يصطفون حاملين للدفوف Igedemen التي يوقعون عليها. والإيقاع يتحكم فيه الوزن الشعري الذي يرغب "لْعْريف" في النظم عليه، إذ هناك إيقاعات بطيئة وأخرى خفيفة. وفيما يخص القراءة الأنتروبولوجية لبداية تشكل الرقصة فيظهر بوضوح وجه الزعامة إذ المبادرة ذكورية خالصة ولها علاقة بحرمة القرية كذلك. فشباب القرى المجاورة والزوار المسموح لمجموعاتهم بمراقصة الفتيات لا يقومون إلا حينما يأذن لهم "أمغار ن وحيدوس" باعتباره مشرفا أو مديرا للسير الجيد لأحيدوس.

إن الأولوية فيما يخص القيام إلى المرقص حكر على شباب القرية المحتفلة، بعبارة مغايرة إنهم هم الذين يدشنون بداية الرقصة وليس الغرباء لأن ذلك نوع من الغزو وانتهاك لحرمة التراب المحلي. فالغرباء ـ ولو كانوا من نفس القبيلة ـ ينتظرون الإذن، وقد يمنعون في حالة إذا ما كانت القرية التي ينحدرون منها تمنع شباب القرية المحتفلة من مراقصة فتيات قريتهم إما بفعل الغيرة أو لإظهار قدرتهم على احتكار إناث القرية التي ينتمون إليها لأنهم أولى، خصوصا أن السوق الزواجية التي يجد الشباب نفسه موجها لاختيار العروسة منه هي قريته. فالراقصات هن بالقوة زوجات محتملات له، وإحداهن قد تكون في حكم زوجته بالفعل في حالة تقدمه لخطبتها أو وجود علاقة غرامية تمهد الطريق للخطوبة. وفي منع الغرباء حيلولة دون اضطراب الاستراتيجية الزواجية لأن الفتاة المرغوبة أو المستهدفة قد تسقط في حب زائر غريب في المرقص. مما يسهل عملية توصيل رسائل الإعجاب باللغة الشعرية المعتمدة في الإلقاء. فرمزيتها قد تحيل إلى فتاة بعينها انطلاقا من علاقات يدبّجها الناظم (= لعريف).

ووضعية الغريب في رقصة أحيدوس لا تختلف عن وضعيته في الحياة العامة للقبيلة. فهو تابع (أو زبون) عليه تنفيذ رغبة أسياده (الوجهاء): إذ عليه من الواجبات أكثر من الحقوق. مثلما على غريب أحيدوس واجب عدم الإخلال بإنجازها لأن الإخلال قد يمس استراتيجية شباب القرية وهم أعلم بطريق قلوب أصدقائهم. إذ على الغريب أن يكون أعمى تقوده إرادة أصحاب الرقصة مثلما أن الغريب Imezzi في الحياة العامة للجماعة الحامية له لا رأي له، وهو ما يعنيه المثل الأمازيغي بالجنوب الشرقي القائل: Imezzi ioma meqar ila alen، أي أن الغريب أعمى ولو كانت له عينان يرى بهما. فالأسبقية لمواطن القرية، أي الأصلي Anesvli.

إن وضعية الغريب تظهر لنا في نفس الوقت وضعية "أنصلي" في القرية والقبيلة. كيف ذلك؟

للنسب والقرابة وزن كبير في العلاقات الاجتماعية القروية وفي التبادلات المترتبة عنها. فهوية الفرد لا تتحدد بمعايير فردانية، ولكن انطلاقا من شجرة النسب. وبما أن القرابة القروية تجمع بين القرابة الفعلية والاصطلاحية فإن الإشراف على البدايات الفلاحية وطقوس التأهيل في حياة الأفراد ليست مهمة عامة يقوم بها أي شخص. إنها محددة سلفا في أعضاء أسر محددة تعتبر هي الأسرة الأصلية أو الأصيلة في القرية. هاته الأسرة هي التي تفتح موسم الحرث، وتقوم بحلاقة الأطفال حلاقتهم الأولى. كما يتمتع بعض أفرادها في اعتقاد أهل القرية بامتلاكهم لبركة خاصة بدونها لا تتحقق المردودية الإنتاجية ولا تسلم صحة أعضائها من الأمراض الجسدية والسحرية، ولهذا يتم اللجوء إليهم قبل القيام بالقرارات الخطيرة في حياة الحقول والأطفال.

إن "أنصلي" ليس مجرد إنسان مثل بقية أعضاء القرية/القبيلة. إنه يمتلك مفاتيح رد الشر، سواء جراء تلقيه لهبة من صالح أو لمنحة ربانية لا يد له فيها. كما أنه يقوم مقام الجد الأصلي/ المؤسس، أو هو وريث بركة الجد الأصلي، بما أن البركة لا تنتقل من جماعة إلى جماعة، بل من شخص إلى شخص آخر، غالبا ما يكون هو الابن البكر Amenzu فيما يخص الذكور أو البنت البكر فيما يخص الإناث. وأمنزو، مثله مثل الثمار البكرية Tamenezut التي تبشر بميلاد محصول جيد، فهو نوع من الفأل طالما أن الاعتقاد السائد هو أن القوى الشريرة الآدمية والتحت أرضية يمكنها أن تتدخل ـ ولو بطريقة لا إرادية ـ وتفسد المجهود المادي للإنسان الذي عليه الاحتماء طقوسيا بشكل مبكر من مفعول قوتها السحرية.

إن "أمصلي"، بما ينجزه من طقوس يبطل مفعول القوى الشريرة، ويتمتع في نفس الوقت بجاه اجتماعي بحكم وظيفته المطلوبة للحصول على منتوج بشري وفلاحي جيد في طبيعة قاسية تجعل الإنسان يصارع من أجل البقاء، لأن أي خلل ديموغرافي داخل الأسرة تكون له مضاعفات اجتماعية على وجودها وتهدد حياتها بالفناء الفعلي في حالة موت أعضائها الذكور أو الموت الرمزي في حالة تحولها إلى أسرة تابعة وهامشية لا قوة لها لمواجهة الأسر القوية ديموغرافيا. كما أن ضعف المحاصيل يهدد وجود الأسرة بيولوجيا مثلما قد يجعلها في وضعية اللاأمن غذائيا.

إذا كان أصلاء القرية أو القبيلة يحمونها من الاضطراب الذي يعزى في الذهنية القبلية إلى عوامل خارجية باعتبار البنية الثقافية مكتملة ثقافيا أو مكتفية بذاتها، وحتى في حالة الحركية فإن الأمر مرتبط بتحيين النموذج الثقافي الأصلي، فإن أصلاء القرية يحمون رقصة أحيدوس القائمة بوطنهم ـ القرية بالحيلولة دون تجرؤ الغرباء على ممارسة الرجولة بين رجال هم أصحاب الحُرُم Amur.

4 ـ اقتصاد الكلمة في رقصة أحيدوس: عنصر آخر يتحكم في فهم تقاليد القبيلة التقليدية وهو مرتبط، إن صحت العبارة، باقتصاد الكلمة أو رمزية الكلام. فالنظم الشعري هو كلام لكنه ليس أي كلام. إنه كلام يقال في ساحة عامة يحضرها جمهور متفاوت السن ومتباين الجنس. فالكلمة هنا هي بضاعة نادرة رغم أن الكلام خاصية بشرية عامة، إذ قيمة الكلام ليست متجانسة، بل متراتبة. فكلام المجنون ليس هو كلام العاقل، وكلام المرأة ليس هو كلام الرجل. إن الكلمة المقصودة هنا هي كلمة الرجل حيث لا تنفصل الرجولة عن الكلمة. فحسب مثل محلي Aqerin nnek d awal nnek، بمعنى ندّك هو كلامك. فالرجولة المقصودة هنا ليست الرجولة البيولوجية بل الاجتماعية: فالرجل هو صاحب الكلمة بما تحمله لفظة "أوال" من دلالات العهد والوفاء له. إن وزن الرجل اجتماعيا يتوقف على "كلمته"، إذ كلما كان كلامه بدون مسؤولية إلا وانحطت قيمة الرجل رمزيا.

في رقصة أحيدوس يصبح الكلام شأنا ذكوريا أو ثروة ذكورية. إذ هم محتكرو الإلقاء أو إنتاج الكلام. وعندما ينشدون فهم يستخدمون الكلمة كسلاح. أما الراقصات فهن لسن إلا مرددات، ولا يرددن إلا اللازمة. إن الرجال في وضع المؤسس أو المرسل المطلق بينما المرأة في وضعية المتلقي السلبي. بل يمكن ملاحظة أن الرجال وهم يُلقون بالأبيات الشعرية تكون وجوههم مرفوعة، فيما الإناث يرددن البيت الشعري وعيونهم إلى الأرض. 

                                         (يتبع)

ملحق: الهندسة الخارجية لرقصة أحيدوس (آيت سدارت)

ملحوظة: الشكل الدائري لهندسة مواقع المتفرجين يمكن من مشاهدة الراقصين. لكن في بعض الأحيان قد لا يساعد جغرافية مكان الرقص على تحقق الشكل الدائري لعدم اتساع المرقص فيتم تجاوز هذا العائق مؤقتا، دون أن يمنع ذلك الحضور من الشكوى من عدم ملاءمة المرقص للرقصة النموذجية، أي الشكل الدائري.

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting