uïïun  125, 

tzayur 2957

  (Septembre  2007)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

timanit i lmuvrib niv i tmnaäin n lmuvrib?

Tugha yarezzu x tamagit nnes day m!

Tayffart n tudart

Wadj ayi d tifras nnem

Abrid n Lmatub

Français

Lettre du CMA au président Sarkozy

La politique berbère de la France au Maroc

Afrak interpelle le ministre de la communication

Publication du livre "Gar ajdvidv

Colonie de vacances de Ayt Awrir

العربية

الاستقلال الذاتي لجهات المغرب أم لكل تراب المغرب؟

الأمازيغية بين محاكمتين

دار للثقافة أم لفرض الكلام بالعربية؟

واقع وتحديات المرأة الأمازيغية

حوار مع محمد زاهد

حوار مع محمد لعوج

دراسة في الشعر الريفي

الحق في الشعر الأمازيغي

مولاي محند والحركة الريفية

آيت باعمران يطالبون برد الاعتبار

حول العنف في الجامعة

الأمازيغية بالإذاعة الوطنية

إيمازيغن والولايات المتحدة

سكان ماست بين مطرقة الخنازير وسندان السطو على ثرواتهم

ألبوم جديد للفنان محمد ملال

قناة الرياضة تقصي الفنان الأمازيغي

أيام الفن الأمازيغي بتنزريت

اعتداء على الفنان إزري

إعلان بشأن الحكم الذاتي بالريف الكبير

بلاغ اللجنة التحضيرية لتأسيس

بيان اللجنة التحضيرية

صدور ديوان أمازيغي جديد

تيدار ن زيان

قبائل زيان تراسل الوزير الأول

بيان لجنة الريف

بيان جمعية أفراك

تتويج الفلم الأمازيغي

إتران ن أكادير

نداء لدعم المعتقلين السياسيين للحركة الأمازيغية

بيان تاماينوت

بيان بشأن انتخابات شتمبر 2007

 

أيت باعمران يطالبون برد الاعتبار والالتزام التاريخي ولا يسعون للتجنيس

بقلم: عبد النبي إدسالم

من الواجب علينا كمهتمين بتاريخ مناطقنا وقبائلنا أن نرد ونصحح بعض المغالطات التي تنشر هنا وهناك، خاصة على صفحات بعض الجرائد، لأقلام لا تسعى إلا إلى إثارة الانتباه وفق منطق السوق ولو على حساب التاريخ. فالذين وضعوا على الصفحة الأولى لأحد الجرائد المغربية "في احتجاج سلبي باعمرانيون يتزاحمون للتجنيس"، لم يستوعبوا جيدا رسالة الباعمرانين ولم يفهموا تاريخهم، مما جعلهم يسقطون في فخ تزييف التاريخ بقصد أو بغيره، ومن ثم فمن الأجدر أن نعي ما نقول وما نكتب. لأن ما شهدته مدينة إيفني، من توافذ ساكنة أيت باعمران من كل مكان تلبية لنداء النسيج الجمعوي المحلي الذي فتح أحد الملفات العالقة في تاريخ المنطقة ألا وهو الوضعية الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والثقافية للباعمرانين في علاقتها مع إسبانيا كطرف أساسي في ما آلت إليه أوضاع المنطقة. ومن أجل فهم عميق للاستجابة الكبيرة للسكان لابد من الرجوع إلى التاريخ وقراءته قراءة متأنية بعيدا عن كل التأويلات التي من شأنها طمس وتزييف واقع الوضعية التاريخية لأيت باعمران والعلاقة التي تربط المنطقة بإسبانيا مند قرون.

الموضوع إذن يتعلق بإسبانيا، ومن ثم فإننا سنحاول قدر الإمكان ملامسة وقائع مهمة من هذا التاريخ الذي يجهل الكثيرون تفاصيله وخطوطه العريضة، فعلاقة إسبانيا بأيت باعمران تعود إلى مرحلة الكشوفات الجغرافية حيث تمكن الكناري دييكو كارسيا دي هيريرا من النزول بسواحل أيت باعمران سنة 1478 فشيد بها قلعة سماها سانتاكروز دي مار بكينيا، لم يبق لها أثر بعد جلائه ولم تحتفظ بها سوى بعض الخرائط الإسبانية دون تحديد دقيق لموقعها. ومنذ ذلك الحين وإسبانيا تطالب بالحق التاريخي في الجنوب المغربي، خاصة مدينة إيفني وأكدت ذلك بوضوح في اتفاق الصيد الذي وقعته مع المغرب سنة1767، نصت خلاله على حقها في الصيد بالمنطقة الفاصلة بين جزر كناريا وسانتاكروز ديماربكينيا. هذا المطلب ستتشبث به إسبانيا لتطرحه مجددا بعد هزيمة تطوان ليتم توقيع معاهدة 1860 المعروفة بمعاهدة تطوان، حيث سيتنازل المخزن المغربي في شخص السلطان عبد الرحمان بن هشام لملك إسبانيا في المادة الثامنة من هذه المعاهدة عن أراضٍ واسعة تنعت بالقطاع المقابل لجزر كناريا أو ما يصطلح عليه في التاريخ الإسباني بسنتا كروز وهي إفني، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لماذا التنازل عن هذه المنطقة بالضبط؟ وفي بحثنا عن الأسباب الكامنة وراء ذلك وجدنا، أن المجال الذي تقطنه قبائل أيت باعمران كان عبر التاريخ مجال إزعاج وتمرد، منطقة خارجة عن طاعة المخزن المركزي. ففي هذه المرحلة بالذات ذكر الناصري أنه لما "ثار أهل زاوية الشراردة بحوز مراكش ضد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام ولما أراد إخضاعهم، وقعت معركة حامية بين الطرفين استغرقت عدة أيام وانتهت بانتصار جيش السلطان بفضل تفوقه العسكري وأما الزعيم المهدي بن محمد الشراردي فقد تمكن من الفرار قاصدا سوس وانتهى إلى أيت باعمران ووليته فنزل على مرابطها أبي عبد الله أعجلي الباعمراني وإستمر عنده ثلاث سنوات". ولم يتمكن المخزن من ملاحقته حين بلغ أيت باعمران. فهي منطقة ضعف المخزن عبر التاريخ، كما أن نمط عيش السكان المعتمد أساسا على التجارة، كان عاملا آخر في استهداف المنطقة، فالزراعة قليلة ومنعدمة أحيانا لأن انفتاح المنطقة على المؤثرات الصحراوية يقلل من أهمية الإنتاج الفلاحي، وهو ما استهوى إسبانيا للضغط على المغرب للتنازل عن المنطقة لتتخذها مركزا تجاريا على الساحل الأطلسي. إلى جانب ذلك، إسبانيا تعي جيدا أن أيت باعمران تعيش حالة شبه استقلال عن المركز وثمثيلية السلطان لا تعدو أن تكون مجرد اِسمية في هذه البلاد، ولن تجد صعوبة في التعامل مع قاطنيها، ذوي الرغبة القوية في ربط علاقات تجارية مباشرة مع دول و مؤسسات أوربية ونستحضر هنا التعامل التجاري مع ألمانيا وإنجلترا كما تبين مجموعة من الوثائق التاريخية للمنطقة، إلا أنه رغم ذلك فإسبانيا لم تتمكن من الدخول، وسيعمل المخزن على نهج إستراتيجية ردع فيدرالية أيت باعمران، حين لجأ الحسن الأول إلى تنظيم حملات تأديبية لأيت باعمران كان أبرزها حركة ،1886 وصل خلالها مرسى أركسيس وأسكا كما كانت سياسة تعيين قواد مخزنيين محليين لمراقبة تحركات القبائل أهم ما ميز مرحلة الحسن الأول الذي يقال عنه إنه قضى فترة حكمه وهو على صهوة جواده. وخلال الاتفاق الفرنسي الإسباني حول مجال نفوذهما بالمغرب سنة 1904 اعترفت فرنسا بالحقوق الإسبانية بمنطقة أيت باعمران، دون تحديد لمساحتها وحدودها. وبعد الدخول الفرنسي سنة 1912 ستقوم فرنسا بمحاولات عدة للتوغل بالمنطقة بعد أن وصلت إلى تزنيت و أزغار. ومن أهم المحاولات تلك التي قادها عميل فرنسا "حيدا بن ميس المنبهي" سنة 1916 بمشاركة بعض القبائل التي تم إخضاعها بأزغار، غير أنه سيلقى هزيمة نكراء بوادي إيكالفن بأكادير زكاغن، رغم حداثة الأسلحة التي يمتلكها جيشه وستقطع رأسه ليطاف بها مدة شهر في أسواق القبائل الباعمرانية. وتقول المرأة الباعمرانية عن مخلفات هذه المعركة: A Haida Urrid An Tawit Aytmak ccan igdad ccan uccan ula kulmma ilan ، ومعناه: "يا حيدة ارجع لتأخذ إخوتك فقد أكلت الطيور والذئاب وغيرهم"، نظرا لكثرة القتلى في صفوف جيوش فرنسا بقيادة حيدا ميس المنبهي. بعدها ستستعد فرنسا لتنظيم أضخم حملة عسكرية لها بالجنوب المغربي، بقيادة الجنرال دي لاموط سنة 1917 أو ما يسمى في الذاكرة الشعبية بالحملة الجينرالية من أجل احتلال أيت باعمران، والتي قالت عنها المرأة الباعمرانية كذلك: Men Taza Ar Tiznit Igad kulu Srngh Yan ومعناه:" الكل من تازا إلى تزنيت متحالف ضدنا" واصفة كثرة الجيوش القادمة لاحتلال أيت باعمران، وستقع معركة مشهورة في تاريخ المنطقة المسماة بمعركة تيزي سنة 1917 لتنهزم القوات الفرنسية وتمكن الباعمرانيون من كسب غنائم ومدافع ومعدات عسكرية أخرى. وللإشارة فهذه المعركة تمت في ظروف جد صعبة نتيجة للحصار الاستعماري والجفاف الذي عرفته المنطقة وتحتفظ الروايات الشفوية بمعلومات دقيقة ومعبرة عن هذه المعركة التي كان المحاربون يأكلون فيها الجراد الذي اختزنوه منذ شهور.

وأمام عجز فرنسا التسلل إلى بلاد ايت باعمران ، دعت إلى الحوار وستجلس في طاولة المفاوضات مع إمغارن القبائل السبعة بلخصاص سنة 1934 ليتم عقد اتفاق الهنا أي السلام لتكون فيدرالية أيت باعمران أول من وضع حدا لطموحات فرنسا في زمن الإعصار الإمبريالي بل تمكنت من فرض شروط في هذا الاتفاق وأهمها:

ـ التزام المخزن بأن لا يدخل بلاد أيت باعمران.

ـ يشمل هذا الهنا كافة قبائل أيت باعمران ماعدا أهل الساحل الذين هم كافة في المنطقة الفرنسوية.

ـ تلتزم قبائل أيت باعمران بتمهيد الهنا والصلح في جميع الأحوال فيما بينهم وبين المخزن والمصارفة معه بالإحسان.

ـ يلتزم قبائل أيت باعمران بحفظ التيارات التي عسى أن تقع ببلادهم.

ـ التزام أيضا السماح لأيت باعمران بالمرور في المنطقة الفرنسوية ويتسوق أسواقه غير أن السلعة المجلوبة من هده الأسواق خاصة بايت باعمران.

هذه إذن مضامين اتفاق السلام بين فرنسا ومجلس فيدرالية أيت باعمران الذي يضم سبعة إمغارن ممثلي سبعة قبائل إمستتن، أيت النص، أيت إيخلف، أيت إعزا، إصبويا، أيت الخمس، أيت عبلا. ومن خلال ما أوردناه تتضح الحنكة السياسية والقوة التفاوضية لهذه القبائل إلى جانب الاعتراف الفعلي بمجلس فيدرالية أيت باعمران في غياب تام لسلطة المخزن المركزي، كما تبدو خاصية الانسجام و الالتحام في بنية النظام القبلي أو ما يقول عنه ميشو بلير في كتابه النسق المغربي "إن هذا الوعي بالذات القوي مبني على إرادة كبرى في الاستقلال وتشبث عميق بالأعراف وخصوصا منها الملكية الحرة للأرض وهو مبني على الهلع الكبير من كل تدخل أجنبي". لكن كثرة المواجهات مع فرنسا بالإضافة إلى توالي سنوات الجفاف والمجاعة ومخلفات الأزمة الاقتصادية في 1929، كان على أيت باعمران نهج سياسة جديدة في التعامل مع الدول الأوربية حيث سيلجأ وفد من مجلس الفيدرالية إلى جزر الكناري في نفس السنة التي تم فيها التوقيع على اتفاق الهنا مع فرنسا، للتباحث مع ممثلي الدولة الإسبانية هناك في شؤون اقتصادية وتجارية للتخفيف من حدة الأزمة التي تتخبط فيها أيت باعمران خاصة وأن فرنسا تحاصر المنطقة من كل الجهات، لينتهي الأمر بعقد معاهدة أمزدوغ يوم 6أبريل1934 بين إمغارن أيت باعمران و الكولونيل كباص ممثل الحكومة الإسبانية بجزر كناريا، وتتلخص مضامينها في: فتح جميع قنوات التعامل بين إسبانيا وفيدرالية أيت باعمران باحترام تام لأعرافها وتقاليدها وديانتها ومواطنيها وإقرار التجارة الحرة، إلا أن رئيس الكورتيس الإسباني سيصرح بعد ذلك قائلا: "بناء على الحقوق التاريخية بإفني، فإن إسبانيا ستباشر نفس حقوق السيادة التي تباشرها في سبتة ومليلية". أي أن المنطقة أصبحت ملحقة بالتراب الإسباني، كما قاموا بتطويق المنطقة باتفاق مع الفرنسيين ونصبوا الحواجز على الطرق، وفرضوا تصريحات خاصة على الداخلين والخارجين منها، لتنكشف النوايا الخفية لإسبانيا بعد توطيد أجهزتها الإدارية و العسكرية. لتأتي سنة 1936 سنة بداية الحرب الأهلية الإسبانية التي عرفت مشاركة مكثفة من طرف الباعمرانيين للتخفيف من حدة البطالة، وللإغراءات والوعود التي وعدهم بها الإسبانيون ليقود الكولونيل بريمخو ستة طوابير باعمرانية بمعدل 300 جندي في الطابور أي حوالي 1800 باعمراني، هلك أغلبهم في حصار برشلونة ليعود الباقون إلى بلادهم بعد نهاية هذه الحرب سنة 1939 وأغلبهم معطوبون يحملون أمل المكافأة على ما قدموه من خدمات جليلة لديكتاتورية فرانكو في حرب لا تعني لهم أي شيء وهو الملف الذي سنعمل على فتحه في القريب العاجل عبر تأسيس جمعية ضحايا الحرب الأهلية الإسبانية للعمل على استرجاع جزء من هذا التاريخ المفقود وتعويض المنطقة عن استنزاف شجر الأركان.

وستعرف المنطقة في بداية الأربعينيات من القرن الماضي موجة جفاف قاسية، حالت دون عودة تنظيم المقاومة الباعمرانية إلى جانب انكسارها خلال الحرب الأهلية الإسبانية، في الوقت الذي تستعد فيه إسبانيا لطرح مشروع دمج المنطقة ضمن تراب الدولة الإسبانية بشكل نهائي وبدأت في نزع السلاح للسكان الذين رفضوا تسليمه، لتكون البداية الفعلية لتوتر العلاقات بين أيت باعمران وإسبانيا خاصة وأن الباعمراني لا يستطيع العيش دون سلاحه، في هذه الظروف ستفتح مقرات التبشير والدعوة إلى الجنسية الإسبانية بإصدار قانون التجنيس في ماي 1947 لتدخل المنطقة في حالة استنفار قصوى قادها الطلبة والفقهاء ثم إمغارن الذين اعتبروا ذلك خرقا سافرا لمواثيق اتفاق أمزدوغ لتنطلق التجمعات في الأسواق والمساجد لتعبئة السكان ضد الطرح الإسباني، مما جعل إسبانيا ترد بملاحقة الشيوخ واعتقال المواطنين، كرد فعل لتثنيهم عن مواجهة إسبانيا التي لم تكن تنتظر هذا الرد القوي من أيت باعمران بعد أن وطدت أجهزتها الإدارية من مستشفيات ومدارس ومراكز أخرى خدمة لسياستها التوسعية، ونقلت المعتقلين إلى سجونها بالصحراء خاصة بالداخلة والكويرة، مما جعل رجالات أيت باعمران ينتظمون من جديد، في شكل مجموعات المقاومة المسلحة والتخطيط لقنبلة المراكز العسكرية الإسبانية بالمنطقة وزادت تجربة المحاربين الباعمرانيين المشاركين في الحرب الأهلية الإسبانية أو ما يسمى "Terradores de ifni" من إمكانية فهم الخطط العسكرية، وسيتم الإعداد لثورة أيت باعمران بتأسيس جبهة تاكنزا لتحرير أيت باعمران التي أعادت بنية الانسجام والتحالف كأحد ركائز بنية النظام القبلي كشكل من أشكال التدبير الديموقراطي المحلي، الذي حاول المخزن والإمبريالية الأوربية تفكيكه وسيتم الهجوم يوم 23 نونبر 1957 على المراكز العسكرية الإسبانية من مركز أربعاء إمستتن وثلاثاء إصبويا ومركز أملو... وبفضل الصمود والتنظيم، تم تحرير كافة تراب أيت باعمران في أقل من شهر باستثناء مدينة سيدي إيفني، التي ستلجأ إليها إسبانيا معززة بالأسلحة الثقيلة. وستحاصر بمقاومة أيت باعمران إلى غاية 1969. وقد وصل عدد شهداء ثورة أيت باعمران إلى 104 شهيدا وبلغ عدد القتلى 1700 قتيل، وحتى لا تتكبد إسبانيا المزيد من الخسائر لجأت إلى طرح قضية إفني ووادي الذهب في سنترا بالبرتغال حيث حصل المغرب على جزء من الساقية الحمراء أو ما يعرف بإقليم طرفاية ودخلته القوات المغربية أبريل 1958، في حين استمر الباعمرانيون في المقاومة بالقبض على عدد من الجنود واحتجازهم كرهائن وذلك خلال حوادث سيدي إيفني ووادي الذهب، سلموا فيما بعد للسفير الإسباني في حفل بالقصر الملكي بحضور محمد الخامس، وبعد 1956 ستكون أيت باعمران من جديد ملجأ جديدا للمتضايقين من سياسة ما بعد 56 لممارسة أنشطتهم النضالية بمساعدة الباعمرانيين ومنهم زعماء أحزاب سياسية إلى وقت قريب ومناضلي تنظيمات أخرى، كما عرفت المنطقة أحداثا دامية بين أنصار حزب الاستقلال والمقاومة بالجنوب المغربي وبين المقاومة وجيش التحرير وتأسيس الجيش الملكي من ملاحقات واغتيالات، وأشكال أخرى لم نسمع عنها إلا القليل من شيوخ عاشوا تجارب الحديد والنار، كعملية إيكوفيون سنوات 1957و1958 أو التحالف الثلاثي ضد المقاومة إسبانيا فرنسا والنظام المغربي.

غير أن الذي يهمنا من خلال ذكر وباختصار شديد هده الكرونولوجيا التاريخية دون الدخول في التفاصيل، هو التناول الإعلامي الخطير لما أقدمت عليه بعض الجمعيات بمدينة إيفني من فتح ملفات المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية...، التي تعاني منها ساكنة المنطقة مند 1969 حين تم توقيع اتفاقية فاس بين الدولتين الإسبانية والمغربية والتي تضمنت هي الأخرى مجموعة من الالتزامات التاريخية تجاه المنطقة وساكنتها والتي لم تلتزم بها، لا إسبانيا ولا الدولة المغربية. فالمنطقة عرفت تراجعا مهولا وخطيرا على كافة الأصعدة. ذلك أن أيفني قبل 69 كانت عاصمة للجنوب المغربي بكل ما تحمله الكلمة من معنى لما تتوفر عليه من بنيات تحتية تبدو اليوم كمدينة مهجورة، بعدما كانت تتوفر على مطار دولي وإذاعة جهوية، ثاني ملعب معشوشب بالمغرب بعد ملعب المحمدية وحديقة للحيوانات وقنصلية إسبانية ثم كنيسة وميناء تجاري ضخم يربط بين كناريا وباقي المواني الجنوبية والدولية و5 قاعات للسينما، جريدة أسبوعية، ودار للشباب، مدرسة للفنون الجميلة، المركز الثقافي، ثم مدارس في مستوى رفيع مع تعليم اللغة الإسبانية ومنار، إضافة إلى أكبر مستشفى بالجنوب إلى غيره من المؤسسات التي تركتها الدولة الإسبانية ووقعت في اتفاقية 69 على ضرورة بقائها مع استمرار الاستفادة من خدماتها، هذا كله لم يبق منه اليوم سوى الجدران. فحتى اللغة الإسبانية حرمنا من تعلمها، فبعد أن كانت إسبانيا تسخر كل إمكانيتها من أجل الدخول إلى أيت باعمران، وبعد سنوات من التعامل بحسن نية معها وفق معاهدة أمزدوغ، ها نحن اليوم نركب القوارب ونقطع عرض المحيطات للوصول إليها لأن ما كنا نرجوه بعد الاستقلال لم ننل منه أي شي وهو ما جعل أهالي أيت باعمران ينددون بالحصار المفروض عليهم من 69 إلى حد كتابة هده الأسطر وعادت المنطقة إلى المقاومة والاعتقالات ظانين أن الشعوب تنام وأن كل شيء انتهى. أبدا فالتاريخ يمهل ولا يهمل وأن الشعوب لا تنام. فانتفاضة غشت 2005 رسالة واضحة إلى ضرورة التعجيل بتنمية المنطقة إلا أن المخزن المغربي تمادى في حكرته وسياسته الإقصائية. الأمر الذي أدركته شبيبة أيت باعمران ونبشت في التاريخ لتجد الكثير مما يجب إعادة الاعتبار له. فأيت باعمران هم من وقعوا معاهدة أمزدوغ 1934 ومن ثم فإلى حد الآن فأيت باعمران لم توقع أي اتفاق بعده. فمعاهدة فاس أول حدث تاريخي يهم أيت باعمران ويقع خارج مجالها الجغرافي دون مشاركة زعمائها ولا حتى الأخذ برأيهم وإن كان ذلك في زمن مضى فعلى الموقعين الالتزام بما تم التنصيص عليه في 69 وهذا لا يستدعي أن تثار عليه ضجة وعنوان بارزة من قبيل باعمرانيون يتزاحمون للتجنيس، لأن الدولة المغربية وقعت عليه وكان من المفروض أن يحضر فيه موقعو أمزدوغ في 34 ودعوتنا إلى إعادة النظر في اتفاق 69 وتشبثنا بنموذج اتفاق لخصاص 34 أو معاهدة أمزدوغ 34، يجب ألا يفهم فهما سطحيا من قبيل الدعوة إلى دخول المستعمر بل من أجل إعادة الاعتبار لآليات تدبير الشأن المحلي السياسي منه والثقافي والاقتصادي وفي كافة الميادين وليس فقط في أيت باعمران بل في كل القبائل والفيدراليات التاريخية بالريف والأطلس وسوس والصحراء، من أنظمة إمغارن وأيت ربعين وإنفلاس وتهميش القانون العرفي المحلي وكل المؤسسات المنبثقة من بنية المجتمع المغربي والتي شكلت جسما سياسيا يحس من خلاله الفرد بالمصير والانتماء المشترك في أشكال التدبير السياسي والإنتاج الجماعي بدل قوانين مركزية ورثت عن الحماية الفرنسية وهي استعمارية بالدرجة الأولى، تشرعن الاستغلال بشتى أنواعه من نهب للثروات الطبيعية ونزع للأراضي التي من أجلها قدمنا ملايين الشهداء عبر التاريخ.

من هذا المنطلق إذن وجب فهم رسالة أيت باعمران التي تدعو إلى إعادة الاعتبار للتوازنات الاقتصادية والخصوصيات الثقافية والحضارية لكل المناطق ورفع كل أشكال الوصاية المركزية للدولة على القبائل، وفتح النقاش في هذه الإشكالات التاريخية المرتبطة بمخلفات المراحل الاستعمارية هو انتقال من حالة الصمت المسكونة بهاجس عدم الوعي والإلمام بما حدث نتيجة طمس الذاكرة الجماعية، إلى حالة عودة المسكوت عنه للجهر بالحقيقة عبر طرح أسئلة تاريخية أفرزتها المرحلة والوضعية التي تمر منها مجمل مناطق المغرب، من اشتداد الأزمة وفقدان الأمل المعقود على دولة الاستقلال. فحالة أيت باعمران لا يمكن فصلها عن حالة الريف مثلا. فإذا كانت أيت باعمران تعاني من الحصار والتهميش الممنهج فالريف كذلك وأكثر بجعله ضيعة القنب الهندي لمافيا المخدرات والتهريب، ناهيك عن ملف سنوات الإبادة الجماعية باستخدام الأسلحة الكيماوية وبالتالي فالتاريخ هو الذي تحرك بظهور أسئلة وإشكالات لابد للمنشغلين بالأمر البحث عن أجوبة مقنعة لإدراك مكامن الخلل وتصحيح التاريخ، فإسبانيا الملزمة بتقديم اعتذار للريف والتعويض عن جرائمها ملزمة بإعادة الاعتبار والالتزام التاريخي بما وقعت علية فيما يهم أيت باعمران في أفق استرجاع الذاكرة المشتركة بين هذه المناطق وإسبانيا. وقد أخطأ من إعتقد أن الشعوب تنام.

(عبد النبي إدسالم، مهتم بتاريخ المنطقة الحنوبية، abdenibi@yahoo.fr)


 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting