uïïun  156, 

kuçyur 2960

  (Avril  2010)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

asmil n tmazivt itettr aqqas n uwank u maci aqqas n imazivn

Mamc gha titli tmazight di 2050?

Sin ifedvn d tzva

Tarwa n tserdan

Di tehbudvt n unuri

Gg ayi...

Iniyat as

A bnadem

Français

Histoire d'un présent ethnocidaire

Rachid Nini et ses nouvelles "découvertes"

Politique médiatique discriminatoire

Callimaque de Cyrène, l'anti-Homère amazigh

épopée de Dhar Ubarran

Nouveau bureau de l'association Amghar

 

العربية

النهوض بالأمازيغية بتوقف على إرادة الدولة وليس إرادة الأمازيغيين

في الحاجلة إلى رد الاعتبار للهوية الأمازيغية للمغرب

العروبة والإسلام: أية علاقة؟

ممحاة لمحو الجهل بمحو الأماية

تسييس تامازيغت أم تمزيغ تامازيغت؟

لا للجهوية المخزنية، نعم للفيديرالية

بنات تامازغا و8 مارس

المقاربة التاريخية للاعتقال السياسي الأمازيغي

لحسن أيت بلعيد يدعو إلى تغيير أسماء أمازيغية

الشواذ المغاربة الجدد

دوزيم تقصي الأمازيغية مرة أخرى

ظهور مجموعة إزنزارن

حوار مع الشاعر عبد الله المناني

الأغنية الأمازيغية بالجنوب الشرقي

تجربة شعرية جديدة

كتاب سيف من خشب

بلاغ المرصد الأمازيغي

الصافي مومن علي يرفع تظلما إلى وزير الثقافة

ثلاثة عشر عاما من تاويزا

تيفاوين ن الريف: أول مجلة بالأمازيغية

نشاط لرابطة تيرا

تبرئة المناضل عبد العزيز الوزاني

بيان جمعية أزكان

إصدرات المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات

اللجنة التحضيرية لتأسيس الشبيبة الأمازيغية

نشاط لجمعية أيت سعيد

بيان تاماينوت

بيان جمعية أبريد

 

 

 

لا للجهوية المخزنية، نعم للفدرالية

بقلم: بنحمو حسن

 

إن الخطاب حول الجهوية بالمغرب ليس بخطاب جديد لأن جذوره تعود إلى الفكر الوطني الخلاق والمبدع الذي يحمله رواد الحركة الأمازيغية بالمغرب والجزائر. وهو خطاب فلسفي عميق مستلهم من التاريخ الأمازيغي العريق الذي عرف تجربة التنظيم الفدرالي على شكل فدراليات قبلية قوية استطاعت أن تقف في وجه التسلط المخزني وكل محاولات الاستعمار الأجنبي إلى بداية الثلاثينات من القرن العشرين. أما اليوم فقد غدت سياسة اللامركزية، في بعدها الجهوي، موضوع الخطب السياسية والتحاليل الأكاديمية بعد وضع دستور 1992، و1996 وقانون تنظيم الجهات 96-47 في 2أبريل 1997 .وهو ما أكد عليه الفصل 100 من دستور 1996، حيث أضاف إلى الجماعات المحلية وحدة ترابية جديدة. فالفصل 100 من الدستور الملكي الممنوح ينص على أن الجماعات المحلية هي الجهات، العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية.

ويمكن القول بأن موضوع الجهوية يكتسي أهمية خاصة في النسق السياسي والحزبي والاقتصادي والاجتماعي المغربي، وهو مطلب نادت به الحركة الأمازيغية قبل أن يتحول إلى خطاب رسمي للدولة والأحزاب الإدارية التابعة لها. وهناك من يرى "أن الجهوية لا تستقيم إلا بتبني خيار الفيدرالية"، وهناك من يعتبرها "مفتاحا سحريا لمحاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي"، وهناك من يرى أن "الجهوية لا تكتمل إلا بالأحزاب السياسية الجهوية والتنظيم الاقتصادي الجهوي في إطار حكم ذاتي لمناطق ذات خصوصيات معينة كالريف والأطلس وسوس والصحراء". وبين هذا وذاك تنادي العديد من الأصوات بالتغيير السياسي والدستوري لتمكين الجهة من لعب أدوارها الكاملة، في حين أن التغيير المنشود والذي بدأ يراود الكثيرين منذ دخول البلاد "العهد الجديد /القديم" هو كيفية القضاء على الطبيعة التسلطية للدولة وتمكين البلد من القطيعة النهائية مع عهود التخلف والاستبداد.

لهذا يمكن القول بأن خطاب الجهوية كخطاب مخزني جديد يندرج في إطار خطاب سياسوي يحاول أن يتحايل عن الهدف الأساسي للحركة الأمازيغية الذي هو بناء الدولة الفدرالية المغربية. هدف كبير لا يمكن للمخزن أن يحققه في ظل الطبيعة الاستبدادية والإقطاعية التي تهيكل هذا النظام. إن تحقيق الجهوية الموسعة أو النظام الفدرالي للمغرب يمر أولا عبر التغيير الديمقراطي الجدري بهذا البلد؛ إذ لا يمكن، في ظل نظام تيوقراطي أبوي تسلطي يستعبد الناس ولا قيمة فيه لحقوق الإنسان، التفكير في تغيير أي شيء . إن كل ما يهم المخزن هو إعادة ترتيب البيت المخزني من الداخل وتمكين نخب محلية مخزنية من الاستفراد بالحكم في ظل اقتصاد الريع.

بخصوص مفهوم الجهة، لقد اختلفت الاتجاهات والتعريفات، وذلك باختلاف الأشخاص المعرفيين له، فمفهوم الجهوية يفيد معنيين، الأول يفيد (régionalisme) ، ويعني مجموعة متماسكة ذات أهداف سياسية دفاعية وقد تتحول إلى توجه سياسي، أما المعنى الثاني فيفيد (régionalisation)، ومعناه الإطار والمجال الإداري والاقتصادي، رغم أن الجماعة المحلية هي نتاج بيئة سياسية تساهم في تسييس المواطنين بصفة عامة. وتبدو الجهوية أنها توزيع لأنشطة الدولة على المستوى الجهوي بطريقة إدارية، وبالتالي فالجهة هي مجموعة منسجمة تهدف إلى تحقيق تكامل اقتصادي واجتماعي، وإداري تنموي مساهمة في نماء الوطن.

إن نظام الجهة يقوم على معطيات تختلف باختلاف الأنظمة السياسية التي تتبناه، وتتميز في ذلك جهوية الدولة الفيدرالية بألمانيا، حيث تتمتع الجهة بالشخصية المعنوية والاستقلال الثلاثي الأبعاد، دستوري، إداري، تشريعي. وفي المغرب، وبتصفحنا لقانون الجهات الأخير 96-47، نجد المادة الأولى منه، تعتبر الجهات جماعات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تساهم إلى جانب الدولة والجماعات المحلية الأخرى في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. هي حلقة من حلقات اللامركزية. وفي الخطاب الأخير لملك المغرب والمتعلق بتأسيس اللجنة الملكية للجهوية يتبين وبشكل واضح بأن مشروع الجهوية الذي يطبل له المخزن لا يخرج عن نطاق سياسة اللامركزية واللاتمركز في ظل نظام تسلطي يلعب فيه المخزن دور المحور العام الذي يتحكم في كل شيء.

إن الجهة، كما يتبين من خلال التعارف السابقة، هي وحدة ترابية يختلف وضعها حسب طبيعة النظام السياسي الذي تتواجد فيه. فإذا كانت الجهة بالنسبة للدولة الفدرالية مجالا محليا يتمتع بالاستقلال الذاتي على جميع الأصعدة: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، التشريعية والقضائية والأمنية، فإن الجهة بالمغرب لا تعدو أن تكون مجرد تقطيع ترابي إداري محض يدخل في إطار التنظيم اللامركزي للدولة المخزنية المغربية، كما سنبين بعد ذلك في هذه الدراسة. وسنبدأ أولا إعطاء نبذة تاريخية عن فكرة الجهة بالمغرب.

ما قبل الحماية:

عرف المغرب التنظيم الجهوي والفدرالي منذ القديم حيث كان التقسيم يقوم على أساس وجود كيانين سياسيين: ما يسمى ببلاد المخزن وما يسمى ببلاد "السيبة "( ؟). فبلاد المخزن هو فضاء جغرافي محدود يتكون من عاصمة الإمبراطورية وبعض المدن المركزية والهوامش التابعة لها: نموذج فاس، امكناس، موركوش، الرباط... وكانت كل هذه المراكز تدار من قبل عمال يعينهم المخزن من أبناء المنطقة نفسها. وهم غالبا من أبناء الأسر الإقطاعية التي تهيمن على المنطقة والتي تغير ولاءها حسب ضعف أو قوة المخزن. أما ما يسمى ببلاد "السيبة" حسب الخطاب المخزني نفسه فهي مناطق لا ينطبق عليها التعريف المخزني الذي يعتبرها مناطق فوضى، بل هي مناطق لا تخضع للإدارة المركزية للمخزن. هي مناطق شبه مستقلة لها تنظيم فدرالي خاص يميزها عن باقي المناطق الخاضعة للمخزن. هذه المناطق تمتد على مجال جغرافي واسع يشمل كل المناطق الجبلية والسهلية والصحراوية؛ من الريف حتى نهر السنيغال. وقد تشكلت داخل هذا المجال مجموعة من الفدراليات القبلية القوية على امتداد 3/4 (ثلاث أرباع) التراب المغربي؛ وهنا نسوق نموذج فيدرالية أيت عطا، أيت إيفلمان، سكورة، إليغ، تزروالت، أيت سغروشن، زيان، إزمورن، أيت ورياغل، إزناسن.... هي كيانات لها تنظيم ديمقراطي خاص بها يختلف كل الاختلاف عن الديكتاتورية المخزنية التي تهيكل المناطق التابعة لها. وقد استمر هذا التنظيم حتى 1934 حيث تمكن الاستعمار الفرنسي والإسباني، بمباركة المخزن، من القضاء عليه بقوة الحديد والنار؛ بحيث ارتكبت جرائم فظيعة لكسر البنيات السياسية والاقتصادية ولاجتماعية القبلية لتمهيد الطريق لبسط نفوذ الديكتاتورية المخزنية على ما بقي من المغرب الذي كان كبيرا وأصبح صغيرا. حيث اقتطعت منه موريتانيا (م أورتان) والصحراء الشرقية وجزء من مالي؛ وتحاك له الدوائر لخلق جمهورية عروبية عنصرية بالصحراء الغربية.

في عهد الحماية:

تميزت سياسة الجهوية إبان فترة الحماية بكون الجهة آلية للتأطير والتحكم السياسي والعسكري اللازمين لتهدئة البلاد، وقامت مراقبتها من طرف المستعمر وذلك بإحداث جهات عسكرية وأخرى مدنية واستعملت الجهة كإطار لعدم التركيز في نطاق الاعتبارات العسكرية والاستعمارية دون أي اعتبارات اقتصادية واجتماعية. من هنا يتضح أن الجهوية في عهد الحماية لم تكن تعني تنظيم وإعادة هيكلة المجال بصفة عامة بقدر ما كان التقسيم الجهوي الذي اعتمدته سلطات الحماية الفرنسية ذا اعتبارات عسكرية وأمنية بالأساس. وعمل المستعمر على طمس روح النظام المحلي الجهوي الذي عرفه المغرب وحلت أنظمة إدارية جديدة مستمدة من النظام الفرنسي محل أساليب وهياكل الإدارة التقليدية للإمبراطورية المغربية. كما أن فرنسا الاستعمارية، رغم تحديثها للمخزن، أبقت وحافظت على طبيعته التقليدية التسلطية. إن فرنسا الاستعمارية هي التي مكنت المخزن من بسط سيطرته المطلقة على كافة المناطق المغربية؛ لقد خلقت له الدولة المركزية اليعقوبية ومكنته من وسائل القمع والاستبداد بعد القضاء نهائيا على جيش التحرير وكل أشكال المقاومة المسلحة. كما أن فرنسا الاستعمارية هي التي وضعت الإطار العام للمغرب النافع والمغرب الغير النافع.

في عهد الاستقلال:

عرفت هده المرحلة في بداية "الاحتقلال"، كما يقول الزعيم الوطني والمجاهد الكبير محمد بن عبد الكريم الخطابي، بنزوع المخزن إلى تقوية نفوذه وبسط سيطرته المطلقة على كافة التراب الوطني. وقد عمل جاهدا، وبمساعدة القوى الاستعمارية، من قمع كل الطموحات الجهوية وذلك بالعمل على تصفية جيش التحرير وقمع ثورة الريف سنة 1958/1959 بعد اغتيال عباس لمساعدي وثورة الأطلس لعدي اوبيهي. كان نزوع المخزن هو إقامة دولة مركزية مطلقة لكي يتمكن من فرض سلطة الدولة المستقلة إداريا وسياسيا. وفي هاته المرحلة تراجع الاهتمام بالتنظيم الجهوي ليحل الإطار الإقليمي والجماعي محله. حيث أعطيت السلطة المطلقة لعمال الأقاليم gouverneurs الذين يعينهم الملك. فالعامل هو عين المخزن وأذنه ويده الطويلة التي يبطش بها. وقد استمر التقسيم الاستعماري بين المغرب النافع والمغرب غير النافع ساري المفعول، بل تعمق أكثر حيث تبنى المخزن سياسة عقابية قاسية ضد كل المناطق الأمازيغية: سياسة القمع والتهميش والإقصاء إلى يومنا هذا. وما مناطق أنفكو، تغجيجت، أيت عدي، زاوية أحنصال... إلا نماذج فظيعة لهذه السياسة.

ولم يظهر الاهتمام بالمجال الجهوي إلا بعد استفحال خطورة الفوارق والتفاوتات الجهوية وعجز الإطار الإقليمي عن مواجهتها، وذلك نظرا لمحدوديته وقصوره عن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والقضاء على الاختلالات واللاتوازنات التي خلفتها السياسة الكلونيالية والمخزنية التي خدمت الأهداف الاستعمارية وأهداف العائلات التي تحكم البلد. لكن هذه السياسة كانت تفتقر إلى التنسيق والانسجام، وعلى رؤية واضحة للقضايا الجهوية، وظلت مجرد متمنيات. وفي سنة 1971 جاء نظام الجهات الاقتصادية، وقد تم تقسيم المجال الترابي إلى سبع جهات. وهكذا بدأ التفكير في الجهة مع التعديل الدستوري لسنة 1992، الذي ارتقى بالجهة إلى مصاف الجماعات المحلية، حسب مقتضيات الفصل (94). وتم تدعيم مركز الجهة في التعديل الدستوري لسنة 1996، حسب مقتضيات الفصل (100)، بالإضافة إلى القانون المنظم للجهات رقم 96-47 الصادر في 2أبريل 1997، حيث أصبح للجهة كيان مستقل يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي واختصاصات قانونية تقريرية واستشارية دون أن يتغير أي شيء في طبيعة الدولة المركزية والممركزة.

إن طبيعة الثقافة السياسية التي تهيكل المخزن المغربي هي طبيعة تسلطية أبوية تستمد جذورها الأيديولوجية العامة من الفكر العروبي العنصري الأموي. هده البنية الفكرية الماضوية أنتجت تواطؤا غير معلن بين السلطة والنظام الأبوي، لان كليهما ذو نزعة استبدادية ـ قمعية. وهذا النظام الأبوي- البطريركي هو بنية اجتماعية وسيكولوجية متميزة تطبع العائلة والقبيلة والسلطة والمجتمع وتكون علاقة هرمية تراتبية تقوم على التسلط والخضوع اللاعقلاني الذي يتعارض مع قيم المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان، نتج عن شروط وظروف تاريخية واجتماعية وثقافية وعبر سلسلة من المراحل التاريخية والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية المترابطة فيما بينها حيث ترتبط كل مرحلة منها بمرحلة انتقالية تسبقها حتى تصل إلى مرحلة النظام "الأبوي الحديث".

ومن الناحية البنيوية فالنظام الأبوي يتكون من طرائق التفكير والعمل والسلوك ويرتبط بنمط معين من التنظيم الاجتماعي والاقتصادي التقليدي السابق على الرأسمالية. وهو يتخذ من المجتمع شكلا نوعيا متميزا يقابل المجتمع الحديث، من خصائصه قابليته على الاستمرار وعلى مقاومة التغير والمحافظة على القيم والأعراف التقليدية القديمة. وعلى الصعيد الاجتماعي يهيمن النظام الأبوي على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تغلب عليها الانتماءات القبلية والطائفية والمحلية، لأن المجتمع الأبوي هو نوع من المجتمعات التقليدية التي تسودها أنماط من القيم والسلوك وأشكال متميزة من التنظيم. وهو يشكل لذلك، كما قلنا، بنية نوعية متميزة تتخذ أشكالا مختلفة من بينها بنية المجتمع الأبوي عند العرب، الذي هو أكثر أبوية من غيره من المجتمعات وأشد تقليدية وأكثر محاصرة لشخصية الفرد وثقافته وترسيخا لقيمه وأعرافه الاجتماعية التقليدية، وتهميشا للمرأة واستلابا لشخصيتها، لأنه ذو طابع نوعي وخصوصية وامتداد تاريخي يرتبط بالبيئة الصحراوية والقيم والعصبيات القبلية التغالبية. فمن المعروف أن جزيرة العرب هي أعظم موطن للبداوة مثلما هي أكثر مناطق العالم تأثرا ومعاناة في الصراع بين قيم البداوة وقيم الحضارة.

تمتد جذور النظام الأبوي عند العرب إلى النظام القبلي الذي يقوم على صلة الدم والقربى والعصبية القبلية، وتكون من شروط تاريخية وجغرافية وثقافية وذلك عن طريق سيطرة الثقافة البدوية على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عن طريق نظام القبيلة ( المشيخة) الذي كان بديلا للدولة وإدارتها كتنظيم اجتماعي يقوم على القيم والعصبيات والعلاقات العشائرية التغالبية. وبالرغم من أن الإسلام حاول تغيير البنية القبلية وجاء بمفهوم "الأمة" بديلا لمفهوم العصبية القبلية، إلا أن النظام القبلي بقي مهيمنا على المجتمع والدولة حيث استمرت القيم والتقاليد في تأثيرها على العلاقات الاجتماعية مما سبب هيمنة النظام القبلي والمحلي على المجتمع، وبصورة خاصة على بنية العائلة الممتدة في علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية واستمرت حتى العصر الحديث بشكل أو بآخر، بالرغم من دخول كثير من عناصر التحديث إليه، لأن الدولة الحديثة ما زالت لم تكتمل وتنضج بعد، وكذلك مفهوم الوطن والمواطنة والهوية، التي ما زالت مفاهيم هلامية أولا، ولأن تركيب بنية العائلة عند العرب في شكلها الأولي لا يختلف كثيرا عن تركيب بنية القبيلة العربية لعصر ما قبل الإسلام، إلا في بعض مظاهرها الخارجية التي تأثرت بالتحديث، وليس في سلوكها ومضامينها وقيمها وذهنيتها ثانيا. كما أن النظام الأبوي هو بنية سيكولوجية ناتجة عن شروط تاريخية وحضارية نوعية تكونت من مجموعة من القيم والأعراف وأنماط من السلوك التي ترتبط بنظام اقتصادي تقليدي له خصوصية وبواقع اجتماعي حي.

إن أهم خصائص النظام الأبوي التقليدي أنه يقوم على العصبية القبلية وتماهي الفرد مع القبيلة التي تبادله الولاء بوصفها مشؤولة على الصعيد الاجتماعي والسياسي عن كل فرد من أفراد القبيلة، وهو ما يؤدي إلى تعزيز النظام القبلي القائم على العصبية، الذي يجعل من العائلة حجر الزاوية في البنية الاجتماعية كما تفترض أن بنية القبيلة هي "كل" لا يمكن تجزئته باعتبارها عائلة موسعة أو عشيرة أو مجموعة من العشائر التي تكون القبيلة، التي تعزز كيانها بسيطرة مزدوجة: سيطرة الأب على العائلة وسيطرة الرجل على المرأة والولد على البنت، بحيث يبقى الخطاب المهيمن هو خطاب الأب الذكر وأوامره وقراراته. وليس من النادر أن نجد أفراد قبيلة واحدة أو طائفة واحدة أو مدينة واحدة أو منطقة واحدة يسيطرون على السلطة والدولة والنفوذ ويتحكمون في رقاب الناس. وهذا دليل على أن السلطة الأبوية ترتكز على العائلة الممتدة، التي هي النمط القرابي السائد، الذي يمتد إلى النظام السياسي الحديث ويستمد شرعيته من كونه نظاما قرابيا أبويا يطرح الحاكم نفسه فيه على أنه "الأب القائد" وأن جميع أفراد الشعب هم أبناؤه، وعليهم جميعا واجب تقديم الولاء والطاعة والخضوع له دوما، وفي ذات الوقت ينتظر "الأب القائد " من أبنائه الولاء المطلق له.

إن هذه العلاقة التي تتحكم بين الرئيس والمرؤوس، في العائلة والقبيلة والطائفة والدولة، هي شكل من السيطرة الأبوية الهرمية التي تقرر ثنائية من التسلط والخضوع بين الحاكم والمحكوم التي تولد صراعا اجتماعيا وتناشزا نفسيا من شأنه تضخيم الذكورة وتبخيس الأنوثة وجعل الولد الأكبر (البكر) رجلا متسلطا. وتنتقل هذه العلاقة التسلطية من البيت إلى المدرسة والوظيفة والمصنع والمؤسسات الأمنية والعسكرية وحتى أعلى قمة في هرم السلطة. كما تقوي التنظيم البيروقراطي، الذي يقوم على القمع والطاعة والخضوع ويحول الأفراد إلى مجرد آلات بحيث تمسخ شخصياتهم وتغتصب حقوقهم وتمتلخ إنسانيتهم. وبهذا المعنى فالاستبداد لا يعني بلوغ الرشد، وإنما اللارشد، الذي لا يحرر الإنسان، وإنما يقيده بسلاسل من الجهل والخوف والخنوع، بحيث يفقد المرء الثقة والاحترام المتبادل مع الآخر ويتحول إلى المجتمع والثقافة. وهكذا يكشف النظام الأبوي وجهه الاستبدادي القمعي وترسيخه لقوة الموروث التقليدي. في مثل هذه المجتمعات الأبوية التقليدية تصبح الثقافة هجينية بل ومهجنة وتستخدم كأداة خطاب للسيطرة والخضوع، بدلا من التواصل والتفاهم والحوار العقلاني الرشيد.

هذه الثقافة الأبوية الهجينة تم تصديرها إلى المغرب مند الغزو العربي لشمال إفريقيا. هي ثقافة خضوع وخنوع وتسلط ذات أصول عربية أموية لا توجد داخل المجتمعات الأمازيغية التي بالعكس كرست سلطة الجماعة وليس سلطة الفرد الأب. والنظام المخزني المغربي في صورته الحالية هو صورة طبق الأصل للطبيعة الأبوية والتسلطية التي تهيكل الثقافة العروبية العنصرية التي تكرس سلطة الأب وخضوع الابن. لذا فإنه يصعب تصور الديمقراطية والجهوية والفدرالية وحقوق الإنسان في ظل هذه الثقافة التسلطية إلا إذا استطاعت الحركة الأمازيغية ومعها كل القوى الوطنية الحية أن تدفع باتجاه التغيير الجدري بهذا البلد.

لقد ورث النظام الحالي إرثا ثقيلا من الحكم المتسلط، وعلى امتداد عشر سنوات من حكمه، بات واضحا أن التركة الثقيلة والسيئة الموروثة عن العهد السابق لم تشفع فيها الوصفات الترقيعية التي اعتمدت حتى الآن ، فلا الاختيارات السياسية المنتهجة إلى يومنا تنبئ عن القطيعة مع العهد السابق، فالملكية المغربية ظلت مطلقة وتعاظمت قدسيتها، ومنهجية التلاعب بالقوى السياسية أدى إلى ضمورها وإعادة إنتاج الحزب المخزني (لفديك)، كما أن إغراق البلاد بمجالس "المؤانسة" التي لا سلطات لها والمسكونة بهواجس الاستقطاب والمراقبة، أمور كلها تتنافى مع التدبير الديمقراطي لشؤون البلاد والعباد، كما أن خيار الصدقات التي تتم في إطار ما يعرف بالتنمية البشرية خيار يظل بمثابة مسكن للأوجاع لا يشفي من الأمراض.

إن المتتبع للشأن السياسي المغربي سيلاحظ ارتفاع نسبة القداسة للملكية المغربية الذي يحول دون تغيير في المسار السياسي للبلاد، فهل يمكن لسلطة ترفل في نعيم القداسة أن تقود التغيير؟ وما مضمون التغيير الذي تقوده؟ أو يعقل أن تقود تغييرا ضد ذاتها؟ وهل كل تغيير يعني بالضرورة تقدما أو تطورا؟ وكيف تفسر عملية احتكارية لعبة التغيير؟ وأي دور لهذه اللعبة ولرواسي الحكم في إعاقة التغيير المنتج للقلب التاريخي؟ وهل يمكن لـــ "الطابع المقدس" للملكية المغربية" أن يساعد على التغيير الحداثي؟ ولماذا لا تتساوق بنيات ومفهوم الملكية المقدسة ومفهوم وشروط التغيير؟ وهل يمكن للملكية قيادة التغيير الذي يحقق القطيعة مع ما يديمها؟ ثم ألا تعد احتكارية عملية التغير دليلا قطعيا على وهمية التغيير المهلل به إعلاميا وسياسيا وطنيا ودوليا؟

لقد عرف المغرب عشية وفاة الحسن الثاني نوعا من الانفراج السياسي كان من نتائجه أساسا إطلاق جل المعتقلين السياسيين، مدنيين وعسكريين، وعودة المنفيين نظرا للتحولات التي عرفها العالم خصوصا بعد انهيار المعسكر الشرقي. لقد تمكن الحسن الثاني سنة 1996 من تمرير دستور رجعي بتزكية الأحزاب العروبية، وطبخت وزارة الداخلية كعادتها انتخابات 1997 لكن هذه المرة لصالح هذه الأحزاب، حيث جعل النظام من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أهم قوة سياسية عدديا في البرلمان مما أهله لقيادة حكومة "التناوب" ابتداء من ربيع 1998. توفي الحسن الثاني في يوليوز 1999، في ظل حكومة عبد الرحمن اليوسفي، إلا أن صلاحياتها بقيت محبوسة في حدود تطبيق التوجيهات/الاختيارات الملكية وفي حدود التدبير "العقلاني" لمصالح الكتلة الطبقية السائدة المكونة أساسا من البرجوازية الكمبرادورية، من الملاكين العقاريين الكبار، من البرجوازية البيرقرواطية (المدنية والعسكرية) المسيطرة على دواليب الدولة، ومن مختلف المضاربين والوصوليين... التي كانت (ولا زالت ) المؤسسة الملكية تشكل الاسمنت التي تلحمها.

بعد عشر سنوات من حكم الملك الحالي، فزيادة على الاحتفاظ حرفيا بدستور 1996 الذي يشرعن للحكم الفردي المطلق، فقد عمل العهد الجديد/ القديم على تسييج أكثر للحقل السياسي بسن قوانين جديدة تدعم التسلط المخزني: قانون الإرهاب، قانون الأحزاب، الميثاق الجماعي، مدونة الانتخابات... لقد حولت هذه القوانين رهانات العديد من المتوهمين، وفي طليعتهم المرتدين، إلى سراب بدون غد، وجعلت من المشاركة في "الاستحقاقات المخزنية" اختيارا انتحاريا بالنسبة للقوى المناضلة. لقد رجع بنا العهد الجديد/القديم إلى ممارسات بداية الستينات: التدخل المباشر في الخريطة السياسية بخلق حزب مخزني (على شاكلة الفديك) يستمد مشروعيته من "إرادة الملك"، وتدخل وزارة الداخلية في عملية توزيع مقاعد "الانتخابات" كما وقع بشكل فظيع في "انتخابات 12 يونيو 2009" وفي تكوين مكاتب المجالس التي تمخضت عنها. وإذا كان الملاحظون يتفهمون علاقات الحسن الثاني مع أعضاء الحكومات المتعاقبة التي كانت تشبه علاقات الإقطاعي بالأقنان نظرا لكون تلك المخلوقات تنتمي لأحزاب أنشئت بقرارات إدارية، ومن خدام القصر "اللامنتمين"، فإننا نلاحظ كيف أن وضعية وزراء أحزاب الكتلة لا تختلف عن وضعية تلك المخلوقات: ففي العهد الجديد تحول مناضلو ووطنيو الأمس إلى كائنات/آليات تعمل جاهدة على تطبيق أوامر وتوجيهات القصر في إطار الاختيارات الطبقية للبرجوازية الكمبرادورية، وملاكي الأراضي الكبار، والموظفين "السامين" (عسكريين ومدنيين)، والمضاربين ومختلف السماسرة، وناهبي المال العام...

لقد تركزت جميع السلط بين يدي الملك، بمساعدة محيطه المكون أساسا من أصدقاء الدراسة، والنافذين داخل مختلف الأجهزة القمعية. فالتنافس بين الأحزاب المساهمة في "الاستحقاقات المخزنية"، تقتصر على مدى قدرتها على التطبيق السليم للقرارات والاختيارات الملكية، وقد لاحظنا في انتخابات 12 يونيو 2009، أن جميع المشاركين قد ركزوا دعايتهم على "التدبير العقلاني للشأن العام" و"النزاهة"، ولم يشر أي حزب لطبيعة النظام الطبقي السائد الذي يشكل المعيق الحقيقي لأي تقدم نحو الديمقراطية الحقيقية. لقد شكل غياب برامج التغيير السمة المشتركة لكل المنخرطين في اللعبة السياسية القذرة. كما نلاحظ استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الشعب. فلم تختلف ممارسة العهد الجديد على ممارسات العهد القديم في علاقاته مع المعارضين والتي تتميز بمحاولة الاستقطاب والتحييد معتمدا في ذلك على الإغراءات المادية، والتعيين في المناصب، وعملية غسل الدماغ... بمحاولة استئصال المعارضة الجذرية، تارة عبر القمع المباشر ( التعنيف، الاعتقال، الاختطاف، التعذيب في مراكز سرية...)، وتارة عبر الحصار والمضايقات. وتستمر إلى حدود اليوم مضايقة الناس البسطاء والمناضلين باسم المقدس. كما تعرض الكثير للاختطاف والاعتقال والتعذيب بتهمة الانتماء إلى التيارات المعادية للنظام (السلفية الجهادية، العدل والإحسان، الحركة الأمازيغية، اليسار الراديكالي...)، وعرف المغرب العشرات من المحاكمات الصورية أصدرت فيها أحكام وصلت إلى الإعدام والمؤبد...

لقد تمكن "العهد الجديد/ القديم " خلال عشر سنوات من عمره من تسييج محكم للحقل السياسي، ومن التحكم في مختلف القوى البرلمانية عبر توجيه مؤتمراتها لتفرز قيادات مخزنية ( الاتحاد الاشتراكي، العدالة والتنمية...) وعبر تقوية مواقع قيادات أخرى (حزب الاستقلال، حزب التقدم والاشتراكية...)، كما تمكن من اختراق المعارضة الرديكالية عبر إشاعات الأوهام القاتلة عن "إستراتجية التغيير الديمقراطي" عبر مؤسسات فاقدة دستوريا لأي صلاحية حقيقية، وعبر الإغراءات المالية والتعيينات في مناصب تحول من خلالها مناضلو الأمس إلى خدام المخزن المطيعين. مقابل هذه الحقيقية المرة، عرفت هذه المدة مقاومة شعبية مهمة، قادت أهم محطاتها كل القوى الوطنية الحية بالبلاد، كما عرفت هذه المدة انتفاضات ومسيرات شعبية معظمها عفوي ضد التهميش والفقر (صفرو، أنفكو، الحسيمة، افني، بومالن دادس...)

إن هذا الواقع المرير الذي يعيشه المغرب في ظل الحكم الملكي المطلق لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون رافعة للتغيير الديمقراطي المنشود لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وما الحديث عن الجهوية الموسعة إلا من قبيل در الرماد في العيون. لقد وجهت الكثير من الانتقادات للتقسيم الترابي الجهوي الحالي الذي تحكمت فيه مقاربات أمنية بالدرجة الأولى وسياسية بالدرجة الثانية، أنتجت جهات غير منسجمة من الناحية اللغوية والثقافية والحضارية والتاريخية والجغرافية والاقتصادية... كما هو الحال بالنسبة للريف الذي تم تقسيمه إلى جزئين، كل جزء تابع لجهة لا تربطه معها أية صلة، وهو ما ساهم في تعميق الفوارق بين المناطق المكونة لهذه الجهات التي أصبحت تشبه بيتا آيلا للسقوط، تصدعاته بحاجة إلى أكثر من الرأب والإصلاح، بل إلى الهدم وإعادة البناء، بناء سياسة جهوية جديدة تقلب الأدوار وتغير طبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة على النمط الإرعائي، من خلال تغيير طبيعة التعاقد البيعوي إلى تعاقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع يستلهم أسسه من الهوية التاريخية للمغرب العميق.

ومن جهة أخرى أفضت الأحزاب المخزنية في ترديد أسطوانات مشروخة من قبيل الجهوية، الجهوية الموسعة، الجهوية المتكاملة وغيرها من المصطلحات الفضفاضة التي تسوق إعلاميا في إطار خطاب شعبوي. إنها شعارات لسحب البساط ومحاولة التفرد بالمبادرة بعد الدينماية التي خلقها مطلب "الحكم الذاتي للريف وسوس" ومناداة القوى السياسية الأمازيغية بتفعيل الجهوية كما هو متعارف عليها دوليا، بتشريع وبرلمان وحكومة جهوية.... الخ، في حين تتحدث الأحزاب المخزنية عن الجهوية دون تحديد ما تريد؟ وما معنى الجهوية؟ الحركة الأمازيغية كانت السباقة إلى طرح مطلب الجهوية وعندما تحدثت عن الجهوية فهي –أي الحركة الأمازيغية- حددت ماذا تريد، تريد حكما ذاتيا للريف وسوس والأطالس وهذا الحكم الذاتي لديه معايير محكمة على الأقل في المرجعيات العالمية سواء في مرجعيات الأمم المتحدة أو في مرجعيات الدساتير المقارنة أو غير ذلك، يعني أن الحركة تتحدث عن شيء واضح، موجود، عن مرجعية واضحة، أما الحديث عن بعض المصطلحات الفضفاضة كالجهوية الموسعة أو جهوية متكاملة.. الخ، فتبقى غير مطروحة بشكل واضح.

وحاليا عندما تتحدث "الحركة الأمازيغية عن الحكم الذاتي للريف وسوس والأطالس"، فإنها تتحدث عن جهات لها خصوصيات معينة، لها صبغة معينة، ولغة أمازيغية معينة، وإشكالات سياسية واقتصادية معينة، عكس الذين يتحدثون عن الجهوية الموسعة. فهل يمكن أن نقبل بنظام للجهوية يدخل عليها بعض الصلاحيات في إطار التقسيم الترابي الجهوي القائم مثلا؟ أو بعض التعديلات على الجهات الحالية الستة عشر وإعادة تقسيمها دون مراعاة حدود الريف مثلا، وبالتالي إعادة تقسيم الريف إلى جهتين أو ثلاث أو إلى غير ذلك؟ ما طبيعة هذه الجهوية الموسعة؟ هل هي ثقافية ولغوية وسياسية واقتصادية؟ أم هي فقط جهوية إدارية خاضعة لصلاحيات القانون الإداري فقط؟ يعني هناك إشكالات، فخطاب الجهوية أصبح خطابا مطروحا لكن ليس بالشكل الواضح في الإطار الذي طرحته الحركة الأمازيغية، فمثلا بالريف نجد مفهومنا للحكم الذاتي يكمن في مسألة الفيدرالية وينطبق على جميع المناطق. ومن منظور آخر يطرح تساؤل عن الصلاحيات التي ستمنح للجهة والتي تلائم النموذج المغربي-المغربي الذي تحدث عنه الملك، في ظل قانون الأحزاب السياسية بالمغرب الذي يمنع من بروز أحزاب سياسية جهوية، وهل يمكن تصور الجهوية دون أحزاب سياسية جهوية؟ وبالتالي ستبقى الجهات كلها مجرد ذيول أو توابع للسلطة المركزية الشديدة التمركز في الرباط؟

إن الحركة الأمازيغية المغربية لا تريد بديلا عن النظام الفدرالي لأنه هو النظام الوحيد القادر على تخليص البلاد من ربقة التسلط والاستبداد شريطة أن يتمكن المغرب أولا من التوفر على دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا تضع أسسه جمعية وطنية تأسيسية، وليس دستورا ممنوحا يكرس النظام الإقطاعي الأبوي والرعوي. إن النظام الفدرالي هو السبيل الوحيد لإقامة دولة المؤسسات وليس نظام الشيخ والمريد؛ لهذا فإن الحركة الأمازيغية تقول وبأعلى صوت: لا للجهوية المخزنية.

فلو قبل كل الناس الآراء"الخرافية"لساسة المخزن حول خطورة النظام الفدرالي بالنسبة للمغرب لوصفوا الولايات المتحدة الأمريكية بالدولة الانفصالية، لأنها تحكم بالنظام الفيدرالي الذي جعل منها واحدة من أعظم الدول في التاريخ، ولكن التاريخ أثبت نجاحها في تحقيق وحدة مميزة، أكدت بطلان وزور خرافات ساسة النظام القائم في بلادنا اليوم، الرافض للتغيير والتطوير تحت أي مفهوم كان، مما يعني أن البلاد لن تشم رائحة السير إلى الأمام أو تتذوق معنى التخلص من التسلط الديكتاتوري المحكومة به، وما التبشير بالحكم المحلي(ناقص أو واسع الصلاحيات)سوى شعار يستخدمه الحاكم ككرت سياسي، لعله يخفف من الضغوط الشعبية المتزايدة عليه من قبل الحركة الأمازيغية ومعضلة الصحراء الغربية. ذلك المشكل الذي خلقه النظام المخزني بنفسه حين تحالف مع الاستعمارين الفرنسي والاسباني لإخراج جيش التحرير الذي قادته قبائل أيت باعمران في إطار عملية إكوفيون Ecouvillon لسنة 1958.

يجب على أعداء الحرية وعشاق التسلط أن يكفوا عن تجهيل الناس وتخويفهم بخصوص الحركة الأمازيغية وتوجهاتها الوطنية، كما يجب عليهم أن يفهموا ويعوا حقيقة الفيدرالية كنظام متطور، توصلت إليه العقول السياسية كخلاصة تجربة لكثير من الأنظمة المتخلفة التي تجاوزها العالم بسبب عجزها عن تحقيق تطلعات الشعوب الحية والحرة والتي لقيت في الفيدرالية مبتغاها، لأنها وجدت نفسها حرة في إدارة حياتها بطرق قانونية وتشريعية راقية، وضعت الحكام تحت رحمة الشعوب نفسها، لتبني أوطان نموذجية، سمتها العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد.

ولتوضيح الصورة بشكل أوسع، رغبة في وضع القارئ الكريم أمام الحقيقة المتمثلة في تهرب المخزن وأحزابه من إشراك الشعب في إدارة حياته، وكذلك استغلال واستخدام إمكانيات البلاد لبث سموم الجهل ونشر داء التخلف، عبر المغالطات الدائمة والتشويه المتعمد لأية أفكار تحمل في مضمونها أسس التغيير، لتمثل بعد ذلك محطة انطلاق لبناء الوطن بأسلوب عصري متطور يوصل  البلاد لحكم دولة المؤسسات، لتوضيح تلك الصورة سنحاول جاهدين في هذا الموضوع تناول النظام الفيدرالي ومعناه المتعارف عليه في العالم ، متنمنين أن نساهم ولو بالكلمة في اقتلاع مداميك التخويف البشرية المنتشرة في مفاصل النظام المتشعبة في بلادنا الحبيبة.

النظام الفيديرالي:

الفيدرالية نظام حكم تتوزع فيه السلطة بين حكومة مركزية تدير شؤون الدولة، وحكومات محلية تدير شؤون الولايات أو الأقاليم بصورة مستقلة عن الحكومة المركزية التي ترتبط بشكل مباشر مع حكومات الولايات، في إطار دستوري وقانوني يحدد بوضوح صلاحيات حكومات الولايات، ويتيح تدخل الحكومة المركزية في شؤونها بعد الأخذ بقرار وتوصية تلك الحكومات، كما يمنح الحكومة المركزية الحق في التدخل المباشر عند حدوث الطوارئ في الولايات المشكلة في مجموعها الدولة، والحكومة المركزية لتلك الدولة هي التي تمثلها أمام العالم الخارجي، وأعضاء تلك الحكومة (رئيس-نائب-وزراء -أعضاء مجالس النواب والبرلمان...الخ) هم من أبناء الدولة كاملة ويتم انتخاب أغلبهم من الشعب، وهذا ما ينسف تماما خرافات من يدعي جهلا انفصالية وتفكك النظام الفيدرالي، فالدولة المحتكمة لذلك النظام وطنها وشعبها واحد، تحت دستور وعلم واحد، وعملة واحدة موحدة سارية المفعول في كل أنحاء البلاد، رئيس واحد منتخب من أوساط الشعب، إلى جانب أعضاء مجالس النواب والبرلمان الممثلين لكل الولايات في الحكومة المركزية، والتي تتقلص وزاراتها إلى عدد محدد ينحصر في وزارة الخارجية (تدير السياسة الخارجية للبلاد)-وزارة الدفاع (جيش واحد للدولة يحميها ويدافع عنها)-وزارة العدل (تصوغ القوانين وتراقب سيره في البلاد)-وزارة المالية أو الخزانة (تدير شؤون البلاد المالية)-وزارة الطاقة (توفر الطاقة للبلاد)- وزارة التأمين أو الضمان الاجتماعي (تتولى رعاية المعاقين والمتقاعدين في البلاد كاملة).

يمنح النظام الفيدرالي الحق لكل ولاية في إدارة شؤونها الداخلية بحرية كاملة، ولكن بتنسيق دائم مع الولايات الأخرى خاصة في النواحي الأمنية، بعيدا عن تسلط الحكومة المركزية. ولهذا توجد في كل ولاية هيئات تشريعية وحكومات وشرطة داخلية تسير أمورها، كما أن حكومات الولايات تتحكم في الشؤون الاقتصادية باستقلالية عن الحكومة المركزية من حيث استخدام الأموال المحصلة كالضرائب مثلا في تسيير حياة سكانها، والفائض من تلك الأموال يورد لخزينة الدولة المركزية التي تقوم بسد أي عجز يحدث في ولاية أخرى من البلاد.

إن التعمق في أسلوب وماهية النظام الفيدرالي حال تطبيقه بصورة سليمة، يدفع الإنسان لمراجعة المفاهيم الكارثية للأنظمة المركزية البالية المتحكمة في كل حركة تحدث داخل البلاد، بصورة مخالفة لكل القوانين والشرائع الموجودة على الأرض، حيث تتقيد الممارسة السياسية بهواجس قلق الحاكم والسلطة على الكرسي، فتنعدم الحريات الحقيقة، خاصة الفكرية والإعلامية مما يقتل إبداعات المواطن الأسير بالمراقبة الأمنية، ويتحول الوطن إلى مصنع يملكه الحاكم يدخل إليه ويخرج منه ما يريده فقط، فتمتلئ البلاد بالفساد والفوضى وانعدام القانون والعجز الشامل، لتموت بذلك مشاعر الولاء للوطن وتنحسر ثقافة المصالح العليا وتزول معايير الفخر بالانتماء إليه وتكون نتيجة ذلك كله وطن معوق مشوه وحاكم مقدس بدرجة صنم بشري لا بديل له مطلقا، فيما يكون المشهد معكوسا في النظام الفيدرالي المغطى بجمالية فريدة، تقدم الحريات على طبق من ذهب للشعب المتحكم في تصعيد وتنزيل من يحكمه، ليقوم بحماية تلك الحرية بالقانون من قبل الأجهزة الأمنية المؤدية عملها بولاء للوطن وقداسة لقيمة المواطن، فتحرّم متابعته أو مراقبته لينطلق بدعم الحكومة والقانون نحو الإبداع في أي مجال يجد نفسه فيه، مكونا إلى جانب كل مواطن آخر جسدا يفتخر حد الدهشة بالانتماء لوطنه، ولا غرابة أبدا أن يصبح النظام ثقافة يلد ويموت معها الفرد، عنوانها الأبرز وطن للجميع يخدمه الكل وتسهر على أمنه القومي عيون مخابرات همها الأول والأخير، توفير أجواء آمنة تبسط بصفائها القانوني على كل شبر في المساحة الجغرافية للوطن.

إن من يقول جهلا بأن الفيدرالية مضادة لعجلة التاريخ، بحاجة ماسة للاطلاع والمراجعة لعل ذلك يفيده في قادم الأيام، فلا يتحدث عن شيء لا يفهمه، فالفيدرالية نظام عصري متطور يقرب المسافات الجغرافية والسكانية بين أبناء الشعب الواحد، ويذيب بشكل عجيب مفاهيم المناطقية والمذهبية، ولأنه كذلك تحولت الولايات المتحدة الأمريكية من دولة مقاطعة بدأت بثلاثة عشر ولاية إلى دولة عظمى بولاياتها الخمسين، ولو كانت الفيدرالية انفصالا وتفككا كما يقول"فقهاء"السلطة، لوقفت أمريكا عند نقطة ولاياتها الأولية، وحتى لا يقول البعض بأننا ندعو إلى الأخذ بما لدى الخارج، فإنه من الواجب القول إن الخارج أخذ من التاريخ كل ما وجد أنه يحقق مصالحه ويخدم رفاهية شعوبه.

هل من الممكن أن تكون الفيدرالية بعد هذا انفصالا أو تفتتا؟ أم أنها نظام يمنح كل فرد من أبناء الوطن الحق في إدارة بلاده من أي موقع كان فيه!!! ما هو المانع من إشراك شعبنا في بناء وطنه وإدارة حياته بحيث تتحكم كل ولاية في تسيير أمورها داخل إطار الوطن الكبير؟ وأي حق ذلك الذي يجعل الحاكم يتصرف في حياة الناس كأنهم عبيد، فيعين واليا وعاملا ومدير أمن وقاضيا في كل جهات المغرب، وفي تلك الجهات من الكفاءات الوطنية ما لا يعد أو يحصى؟

من حقنا أن نختار وننتخب في كل جهة أو إقليم من يحكمنا ويدير شؤوننا، حتى يكون الحاكم المنتخب تحت رحمة أصوات الشعب التي ستختار الشرفاء وتقصي الفاسدين، وتلك صورة يجب أن تحضر في إدارة أموال البلاد، فأي حق ذلك الذي يأخذ من خريبكة وبن كرير وورززات... الثروات، ليتم استخدام أموالها في شراء وصرف السيارات والولاءات واستثمار ما بقي في الخارج، مع أنه من البديهي أن تصرف تلك الأموال على الجهات أولا، فتشيد البنية التحتية (مدارس-مصانع-مستشفيات...الخ) والفائض يذهب لخزينة الدولة المركزية ليصرف على الجهات الأقل دخلا.

إن رفض الفيدرالية من المخزن وزمرته يعني بهدوء رفض الحكم المحلي، وعلى من أدمن العبودية للأسياد أن يعي ويعلم بأن النظام الفيدرالي سيمنحه الحرية والكرامة، ليقول ويكتب ما تستوجبه المصالح العليا للوطن، دون أن يحاسبه أو يلومه أحد، أمّا التصميم على تجهيل الناس بعلم أو بدونه عبر تخويفهم من الفيدرالية فذلك أسلوب رخيص، يثبت للجميع أن أولئك أقزام في المحتوى والمضمون، لأن من قزم وطنا كالمغرب واستكثر الحرية على شعب كشعبنا، فقطعا هو لا يستحق أن يتشدق بالوطنية والثقافة أو يتقلد المناصب ليدير أمور الناس، وعليه أن يضع في جمجمته الخاوية مفهوما تاريخيا أثبت ويثبت أن الأوطان تبقى، ورجالها الشرفاء وإن رحلوا يخلدوا بعظمة مواقفهم، فيما كان مصير كل قزم رخص نفسه ووطنه الخزي والعار في الدنيا والآخرة.

إن الجهوية الموسعة التي يتحدث عنها المخزن كلام فضفاض يراد منها استيعاب النخب الجديدة عبر مخزنتها في مؤسسات جهوية صورية، لذا فإن الحركة الأمازيغية لا تريد بديلا عن النظام الفدرالي بالمغرب. وقد سبق للحركة أن عبرت عن ذلك في أدبياتها ومشروعها الوطني. لذلك فإننا نقول لا للجهوية المخزنية التي لن تكون إلا صورة طبق الأصل للنظام المركزي القديم /الجديد الذي تخضع له البلاد منذ عهد الاستعمار إلى اليوم. إن المغرب في حدوده الحالية يستوجب التقسيم الفدرالي للبلاد إلى سبع ولايات:Etats fédérés

- ولاية الصحراء الغربية: تضم كل الإقليم الذي كان خاضعا للاستعمار الإسباني. ويمكن إعطاؤها اسم ولاية أوسرد .

- ولاية سوس: تضم إقليم كلميم، طاطا، تزنيت، تارودانت، إنزكان، أكادير، زاكورة،

- ولاية تانسيفت: تضم كل سهل الحوز-مراكش، شيشاوة ، إقليم الصويرة، إقليم أسفي، الجزء الجنوبي الغربي لإقليم السراغنة، وجزء من إقليم ورززات.

- ولاية تامسنا: تضم جهة تادلة أزيلال، جهة الشاوية ورديغة، دكالة، الدار البيضاء الكبرى، بن سليمان، المحمدية، خريبكة، ، الجزء الشمالي من إقليم ورززات المحاذي لإقليم أزيلال والجزء الغربي من إقليم الراشدية المحاذي لإقليم بني ملال

- ولاية تافيلالت: تضم كل جهة الرباط سلا زمور زعير، إقليم مكناس، إقليم خنيفرة، إقليم لخميسات وكل إقليم الراشدية باستثناء الجهة الغربية المحاذية لإقليم بني ملال.

- ولاية تينإكي: تضم جهة طنجة وتطاوين، جهة الغرب

- ولاية توريرت: تضم كل الجهة الشرقية، جهة فاس بولمان ثم جهة الحسيمة تازة تاونات..

كل ولاية تقسم إلى منطقة، وكل منطقة تقسم إلى عمالات...وتكون عاصمة الدولة الفدرالية هي مراكش. وكما هو معمول به في كل الدول الفدرالية فإن كل ولاية تنتخب برلمانا محليا يتكون من 100 إلى 200 عضو حسب ساكنة الولاية. ولهذا البرلمان صلاحيات واسعة في جميع المجالات من ضمنها اختيار الحاكم العام للولاية الذي لا يتم تعيينه من قبل المركز. ولكن وكما نقول دائما في إطار الحركة الأمازيغية فإن لا شيء يمكن أن يتحقق داخل هذا البلد ما لم تتم القطيعة النهائية والأبدية مع الطبيعة القروسطية والأبوية لهذا النظام. لإن الديمقراطية وحقوق الإنسان تتعارض كل التعارض مع نظام حكم مطلق أبوي رعوي؛ كما أن هذا التخبط الهوياتي الذي يعرفه المغرب لا يقوي الشخصية المغربية ويجعل منه دائما ذيلا تابعا لأسياده العرب المشارقة.

إن الحركة الأمازيغية تقول بأن لا تغيير في هذا البلد بدون دستور وطني ديمقراطي تضع أسسه جمعية وطنية تأسيسية تعيد الاعتبار للهوية الأمازيغية للمغرب وتؤسس لنظام فدرالي قوي يعطي الصلاحيات الواسعة للجهات ويحد من التسيب المخزني الذي عمر منذ أمد بعيد.

مراجع:
ـ إبراهيم الحيدري " النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب "، دار الساقي، لندن- بيروت 2003
1

-عبد اللطيف حسني : عشر سنوات من حكم محمد السادس (مجلة وجهة نظر /العدد 42/ خريف 2009)
ـ هند عروب : الملكية المقدسة ووهم التغيير –( مجلة وجهة نظر/ العدد 42).
ـ نور الدين مفتاح : هلوسات على الهامش (الأيام / العدد 375)
ـ ليفي ستروس: الأنتروبولوجيا البنيوية ، ترجمة مصطفى صالح، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1977

ـ إدريس ولد القابلة :عشر سنوات من -العهد الجديد-: الحصيلة والآفاق، http://www.ahewar.org

ـ عبد الإله واردي الحوار المتمدن - العدد: 1995 – 2007
- صالح المستف: التطور الإداري في أفق الجهوية بالمغرب، مطبعة دار النشر، الدار البيضاء ، 1989.
- أحمد درداري: الأبعاد السياسية والاجتماعية لنظام الجهة بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، 2001 -2002
- عبد الإله واردي: الجهة وآفاق التنمية بالمغرب، بحث لنيل مشروع نهاية الدراسة في القانون العام 2005-2006.
- رشيد السعيد: مدى مساهمة اللامركزية واللاتمركز الإداري في دعم الجهوية، أطروحة لنيل الدكتوراه، 2001-2002.
- صالح المستف: التطور الإداري في أفق الجهوي بالمغرب، مرجع سابق، ص: 274 .
- السعيدي مزروع فاطمة: الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب، الطبعة الأولى، 2003.
- البرقاوي فاطمة وكنان آمال: تطور الجهة بالمغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 8 ، 1996.
- محمد بالمحجوبي: التحدي الجهوي بالمغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد16 ، 1998.

- المهدي بنمير: التنظيم الجهوي بالمغرب، دراسة تحليلية للقانون رقم 96-47 ، المتعلق بتنظيم الجهات، سلسلة اللامركزية --والجماعات المحلية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 1997 ،
- فكري الأزراق: الجهوية الموسعة : إصلاح الجهة أو أعادة البناء؟ الحوار المتمدن - العدد: 2880 - 2010 / 1 / 6
- ابراهيم الحيدري " النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب:
النظام الأبوي وثنائية التسلط والخضوع "، دار الساقي، لندن- بيروت 2003
(بنحمو حسن – عضو مناضل بالحركة الطلابية الأمازيغية. فبراير 2010)
 

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting