uïïun  110, 

sdyur

  2006

(Juin  2006)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

is ïaëiq bnu ziyyad tuva t d amaziv?

Tamagit inu

Askend

Aserghed

Tnna da tirigh

Tifawt

Tayri

Tazwact

Taghuyit

Timyurin n tsgar

Français

Pensée et profondeur d'Azaykou

Le complexe de Saint Augustin

Les berbères face à leur destin

Les  chants amazighs au féminin

Lettre à l'autre rive

L'art de sculpter sur la roche

Ismail Abouàabbas, un fou du bois

Khadija Bouali

Conférence sur la terre

العربية

هل أصبح المغرب مزبلة للنفايات العربية؟

أقصى درجات الاستلاب والتبعية

الأمازيغية واختلالات النظم الاجتماعية بالمغرب

الزمن المغربي المعطوب

الأمازيغ يشكلون الأغلبية

لنقرأ الفاتحة على تدريس الأمازيغية

بعض الأشكال التعبيرية بآيث وزرياغل

الشعر الأمازيغي بالريف

رمزية الحيوان من خلال بعض

الاجتماعي والرمزي في أحيدوس

الحكايات

قبيلة آيت أومريبط

الجنوب الشرقي ينتفض

بيان هرهورة

مهرجان الثقافة الأمازيغية

احتجاج على موقع الممكلة

استمرار منع الأسماء الأمازيغية

بيان فاتح ماي لتنسيقية أميافا

تأسيس جمعية جديدة بتيمولاي

جامعة سلوان تخلد الربيع الأمازيغي

نشاط لجمعية إيصوراف

ذكرى معركة بوكافر

بيان التجمع الأمازيغي لكاطالونيا

بيان الحركة التلاميذية بدادس

بيان فاتح ماي للحركة الثقافية الأمازيغية بجامعة فاس

تعزية المؤتمر الليبي

بلاغ الجمعيات الأمازيغية بالريف

بيان الحركة الأمازيغية بسلوان

جامعة سلوان تخلد الربيع الأمازيغي

 

الشعر الأمازيغي بالريف: مقاربة تاريخية (الجزء الثاني)

بقلم: اليماني قسوح، عبد المطلب الزيزاوي (جامعة محمد الأول، وجدة)

-II أنواع الشعر الأمازيغي
ارتبط الشعر الأمازيغي بالغناء، ويتضمن معجم الشعر الغنائي الأمازيغي عددا مهما من المصطلحات الدالة على مفهوم القطعة الشعرية الغنائية، مما يعكس ازدهار هذا الفن وتطوره في مختلف المناطق الأمازيغية بالمغرب(*). ويرجع الاختلاف والتنوع إلى عوامل شكلية ووظيفية، وإقليمية. ذلك أن نوعا معينا قد يعرف بأسماء مختلفة باختلاف المناطق التي يستعمل فيها، وقد تعرف المنطقة الواحدة أسماء مرادفة لنفس النوع. وفي الحالتين يتميز كل صنف بخصوصياته الشكلية ومواصفاته الفنية والموسيقية. كما أن للمواضيع والأغراض والمناسبات دورا في اختلاف الأنواع الشعرية الغنائية. وفيما يلي أهم الأنواع، وتعبر المصطلحات في نفس الوقت عن النموذج الشعري والموسيقي والغنائي:
ـ لغا: الشعر المغنى بمنطقة سوس، وكذلك اللحن المصاحب ل- أورار= الغناء، دون استعمال الآلات الموسيقية. ويقابله أسنمير (آيت بوكماز)، وتاللغات وهي قطعة شعرية مغناة لا تتعدى بيتين أو ثلاثة ينشدها أمارير في أحواش.
ـ تازرارت: غناء فردي قصير يتخلل أحواش في إحدى مراحله، خاصة بعد أهايو أي توقف الغناء الجماعي والعزف على آلات الإيقاع. غناء فردي نسائي بالخصوص تتغنى به الفتيات في الحقول وخارج المحافل التقليدية. وهو أيضا ذلك الغناء الجماعي للنساء أثناء مراسيم تهيئ العروس للزفاف. ومن الناحية اللغوية يمكن ربط الكلمة بمفردة "تازرورت"،أي هدب الثوب أو حاشيته، من فعل زرر=طرز، رصع. ذلك أن تازرارت عبارة عن ديباجة للغناء في أحواش. ويتكون بيت تازرارت من عشرة مقاطع موزعة على شكل وحدات مقطعية صغيرة تنفصل بينها نغمات مطولة بينها نغمات مطولة على نحو "الموال" في الموسيقى العربية، مما يجعلها تتطلب من المغني (ة) نفسا قويا. إذ كلما طالت تازرارت وتنوعت ألحانها كلما كان ذلك مستحسنا من لدن السامعين. في آيت مكون: إضافة إلى المدلول الأول لـ- تازرارت، ينسحب المصطلح كذلك على الغناء المصحوب بالرقص مع عزف الإيقاع على آلة البندير، ويكون بالخصوص في مناسبة الزفاف.
ـ تاماوايت: (بالأطلس المتوسط): عبارة عن "موال" طويل النفس على غرار تازرارت، وهي الشكل الغنائي الذي يظهر فيه حسن الصوت والتحكم في اللحن والأداء وبراعة المغني (ة) في تلوين النغم والميلوديا. وكثيرا ما تتخلل تاماوايت رقصة أحيدوس.
ـ تامواشت: لها نفس المدلول في بعض مناطق الأطلس المتوسط. كما تعني في مناطق أخرى منه "الشعر الهجائي".
ـ تامداحت، تامديازت، تاملكازت، تامليازت، تايفارت: قصائد غنائية مطولة أو مجموعة قصائد قصيرة متوالية، يغنيها أمدياز وأمداح أثناء جولاتهما. وتكون مصحوبة أحيانا بغناء للعمود الذي يأتي بعد الاستهلال الديني قصد طلب الضيافة ومدح المستضيف والدعوات له. ولفرق إمديازن أنواع غنائية أخرى يمزجون بينها في أدوارهم إضافة إلى الأجناس السابقة؛ ومنها تازضايت (تيزضاي) تيغراض، تاغيولت (تيغيال).
ـ تانشادت: قصيدة غنائية مطولة ذات مضمون ديني وعظي وأخلاقي، يختص به أنشاد (إنشادن) ويقابلها في نفس السياق الديني أهليل، وهو المصطلح الأكثر تداولا في الأطلس المتوسط حين يتعلق الأمر بالأشعار الدينية الصرفة.
ـ تاكزومت: تطلق في الأطلس الكبير على أنماط شعرية مختلفة باختلاف المناطق. فهي تعني تلك الأشعار المحلية التي نادرا ما يتجاوز تداولها حدود القبيلة، وترتبط في الغالب بحفلات الزفاف، إذ تسبق النوع المعروف ب- تامغرا، كما تغنى في ساحة عمومية (أسايس) أثناء المناسبات والأعياد، وتؤدى بدون مصاحبة موسيقية، حيث يرتجل أشعارها الرجال دون النساء وذلك على شكل كورال يشكل صفا يقابل صف عازفي البنادر وبينهما تندرج النسوة المكتفيات بالرقص. ويغني الشعراء شطرا من البيت الشعري وتعقبهم المجموعة الرجالية لترديد الشطر الثاني.
ـ أورار: لغة وبالأطلس المتوسط :اللعب"، أما في سوس فهو الغناء بصفة عامة (تيرير=غنى) ويعني المصطلح في آيت مكون: الغناء المجرد من العزف الموسيقي، تؤديه مجموعتان نسائيتان بالتعاقب واحدة تلو الأخرى. ويكون ذلك في مناسبات معينة كالختان والزفاف على الخصوص. ويتكون رصيد هذا النوع من المحفوظات الشعرية المتداولة، إذ لا مجال فيه للارتجال أو الإبداع. وفي آيت مكون، يقتصر أداء أورار على السيدات المتزوجات أو المطلقات، دون الأوانس.
ـ أراسال: جميع أشكال الشعر الغنائي (بآيت مكون)، سواء كان مصحوبا بالعزف أو بدونه (=أسي أراسال مرادف أسي لغا، أي الأداء، الغناء).
ـ لمساق: غناء يسبق أحواش، قبل دخول النساء للمرقص يؤديه الرجال والأطفال عزفا على أكنزا(البندير) وتكون أبياته أحيانا من ارتجال الشعراء خاصة لإبراز مستجداتهم الإبداعية، وقد تكون أشعارهم مجموعات تيرويسا (نظم وغناء الروايس) المتداولة بسوس.
ـ أسالاو: (من سالا=أبكى): مرددات شعرية نسائية بالأطلس الصغير، تؤدى بدون موسيقى، أثناء مراحل إعداد العروس للزفاف فترة الحناء، وتشييع الموكب إلى بيت الزوجين. وفي نفس السياق يستعمل مصطلح تاسوكانت، وكذلك إيزويريكن (من زوور=سبق) وإيبيسميتن (من البسملة) وكلها تدل على الأغاني الاستهلالية المتضمنة لعبارات استجلاب الفأل الحسن والطالع السعيد.
ـ لادكار: (من ذكر) وهي أذكار وأناشيد صوفية يتغنى بها في المناسبات الدينية والمواسم المخصصة للأولياء والزوايا والأضرحة، بعضها باللسان الأمازيغي وجزء كبير منها بالعربية المغربية. وللنساء نوع مماثل يعرف ب- لاحوال (الأحوال=التواجد)، وهي عبارة عن حلقات حضرة صوفية تجمع بين الإنشاد والرقص. ولا شك أن أهليل بالأطلس المتوسط يدخل كذلك ضمن هذا النوع الصوفي(24).
بالريف ينتشر النوع الشعري المعروف ب- "إزران"(25) izran. وتواجد هذا النوع منذ العصور الغابرة(26)، وتعرض العديد منه للضياع بسبب عدم تدوينه.
ـ إزران: مفرده "إزري"وهو نمط شعري يعتمد على تجميع ارتجالي لبيتين أو أكثر لا روابط عضوية بينها، ويعتمد بناء هذا النمط على ترديد لازمة بعد كل بيت؛ لازمة يختارها المنشد بعناية فائقة تكون عنوانا لنصه، وذات عمق في المعنى وسهلة الحفظ يرددها المستمعون، وتسمح له بالانتقال وبكل يسر من بيت إلى آخر. وتعد حفلة العرس أهم مناسبة لإنشاد "إزران"، ويمكن أن تردد خارج المناسبات العمومية. ويغلب على هذا النوع تيمة العشق "رهوى"(27).
ـ ثيقسيسين: عبارة عن نصوص شعرية قصيرة، تجمع مابين ثلاثة أو أربعة أبيات في الغالب، وقد تتعداها أحيانا، وتتلاحم هذه الأبيات من الناحية الموضوعية. وتركز هذه المقطوعات على جوانب الحياة الاجتماعية اليومية، وتقوم بانتقاد التصرفات التي حادت عن الأعراف والتقاليد.
ـ ثامذيازت: وهي ذلك النمط الشعري الذي يتسم بطبع الامتداد والتماسك الموضوعي، تركز على تيمة واحدة تتمحور حولها كل الأبيات محاولة الاحتفاظ بتسلسل منطقي، وتتطرق لمختلف القضايا الأساسية القريبة المتصلة "بالتيمة". وهذا النمط سيشكل المرحلة الحاسمة في نمو الإبداع الشعري، أواخر القرن الماضي بانتقاله من مرحلة الشفاهة إلى مرحلة الكتابة.
هذا الجرد ليس نهائيا، بل يمكن أن نجد أنواعا أخرى سواء في المغرب، أو في كل شمال إفريقيا(28).
-IIIالتحقيب التاريخي للشعر الأمازيغي بالريف
1ـ المعيار:
اختلف الباحثون في موضوع الشعر الأمازيغي بالريف في شأن مراحله، تبعا للمعيار المعتمد في هذا الشأن. إذ نجد من اعتمد معيارا كرونولوجيا، فقسم هذا الشعر إلى مرحلتين كبيرتين: المرحلة القديمة، والمرحلة الثانية التي حددت بدايتها بما بعد الاستقلال(29).
وفي هذا الصدد أيضا، نجد من الباحثين من اعتمد معيار الشفوية والكتابية(30)، ومن اعتمد القدم والحداثة(31). فقسم الشعر الأمازيغي إلى الشعر القديم، والشعر الحديث. ووجدنا بين هؤلاء من حاول أن يمزج بين هذه المعايير كلها، مقسما هذا الشعر إلى ثلاث مراحل كبرى هي: مرحلة الاستعمار، ومرحلة الاستقلال، ومرحلة التدوين والتحديث(32).
يتضح من خلال هذه المعايير المعتمدة في التحقيب للشعر الأمازيغي، أن الباحثين لم يستقروا على معيار واحد. والملاحظ كذلك، أن بعض المعايير المعتمدة غير دقيقة، وغير مضبوطة. ذلك أن تقسيم الشعر الأمازيغي بالريف إلى مرحلة قديمة تنتهي مع بداية الاستقلال دون تحديد لبدايتها، يكشف عن خلل في ضبط التحقيب، يتطلب تبريره وتجاوزه باعتماد تحقيب أكثر موضوعية. كما أن اعتماد المعيار السياسي، من خلال الحديث عن شعر مرحلة الاستعمار، وشعر مرحلة الاستقلال، يعبر عن قصور في الرؤية، لأن الشعر الأمازيغي بالريف عرف قبل دخول الاستعمار، وله خصوصياته التي تميزه، سواء في مرحلة السيطرة الاستعمارية، أو في مرحلة الاستقلال. نفس الشيء يقال عن معيار الشفوية والكتابية. ذلك أن هذا المعيار لا يحيل عن وجود قطيعة بين المرحلتين. في الوقت الذي دخل فيه الشعر الأمازيغي محاولات التدوين والكتابة، لا زال الطابع الشفوي سائدا إلى يومنا هذا، وبالتالي تظل المعايير المعتمدة في التحقيب للشعر الأمازيغي معايير نسبية، تتطلب من الباحث اليقظة، وامتلاك الحس النقدي الموضوعي في طروحاته، ومقترحاته، بدل اليقينية والعمومية التي تنجم عنها فجوات وثغرات تسيء إلى البحث.
من هنا، سنعتمد ونتبنى معيارا في التحقيب للشعر الأمازيغي بالريف، يكتسي قدرا ممكنا من الموضوعية العلمية، هذا المعيار يعتمد على تقسيم الشعر الأمازيغي إلى مرحلتين: مرحلة الشعر التقليدي، ومرحلة الشعر الحديث(33). مع الإقرار بوجود تداخل واستمرار وتعايش بين المرحلتين، بدل القطيعة كما يدل على ذلك مفهوما التقليد والحداثة، في بعض حقول العلوم الإنسانية، كالسوسيولوجيا والأنتربولوجيا.
إن اعتماد معيار التقليد والحداثة، أو لنقل الاحتماء به في التحقيب للشعر الأمازيغي بالريف، تفرضه مجموعة من الظروف المتعلقة بهذا الشعر نفسه، الذي يتفق الجميع على ارتباطه بإنسان المنطقة، كفرد وكجماعة منذ القدم، إلا أن الطبيعة الشفوية لهذا الشعر مثله مثل سائر الأجناس الأدبية الأمازيغية التقليدية، حالت دون التعرف على الكثير من متونه، وروائعه القديمة التي لم يتم تداركها، فضاعت ضمن ما ضاع من التراث الأمازيغي(34).
ورغم الجهود التي بذلها بعض الباحثين الأجانب والمغاربة، في الجمع والتدوين لهذا الشعر، إلا أن تاريخ هذه المتون لا يتعدى القرن التاسع عشر(35). كما أن الكثير من الدراسات والأعمال تبقى محفوظة ومغمورة في رفوف المكتبات الخاصة، أو العامة يجد الباحث صعوبات كثيرة للوصول إليها وتعميم الاستفادة منها. هذا إلى جانب تعدد الروايات. والكثير مما هو محفوظ يحوم الشك حول صحته ونسبته وتاريخه، لما يشوبه أثناء تناقله جيلا بعد جيل من تحريف وانتحال(36). كما أن ظهور بعض الإبداعات الشعرية المكتوبة لا يعني بتاتا نهاية الشفوية والإبداع الجماعي عن هذا الشعر.
أمام هذه الظروف، اخترنا تقسيم الشعر الأمازيغي بالريف إلى مرحلتين: مرحلة الشعر التقليدي ومرحلة الشعر الحديث. مع إبراز الخصوصيات الفنية والشكلية لكل نوع من هذه الأنواع من الشعر في ارتباط مع البيئة والسياق. مع العلم بأننا واعون مسبقا بالطابع التقريبي والنسبي لاستنتاجات، وخلاصات هذه المقاربة.
1ـ الشعر التقليدي:
يتميز هذا الشعر بمجموعة من الخصوصيات، سواء على المستوى الشكلي والفني، أو على مستوى المضمون.
2-أـ الطريقة الجماعية في الإبداع:
من الخصوصيات/الظواهر التي تميز بها الشعر الريفي التقليدي، انتشار الطريقة الجماعية في الإبداع، أي غياب الشاعر القائل بصيغة المفرد. لقد كان هذا الشعر يتم بشكل جماعي، أي أن مجموع الشعب هو الذي يبدع وبطريقة فطرية. وبالتالي مشروعية تملك الشعب/الجماعة لهذا النمط من الإنتاج. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا الصدد هو: لماذا الطريقة الجماعية في إبداع هذا الشعر وروايته؟
لعل هذا راجع إلى أسباب تاريخية وسوسيوثقافية، تعمل دائما على نفي "الأنا" واستدعاء "النحن" أو أنها تعمل على الأقل على إذابة الذات الجماعية، فيصبح العمل الشعري ملكية جماعية، مما ينسجم والسلوك الاجتماعي للريفيين الأمازيغ بصفة عامة. إن هذا النمط من الإبداع الأدبي ـ يقول جميل حمداوي(37) ـ إذا أردنا توظيف مصطلح: "التمثل الغولدماني"، يتماثل مع العلاقات الإنتاجية الجماعية السائدة على المستوى الاقتصادي في منطقة الريف. أي أن هذا الإبداع يترجم لنا العلاقات الاجتماعية المبنية على التعاون والتآزر، مثل "ثويزا" و"أذوير" واقتصاد قائم على الاستغلال الجماعي للأرض وخيراتها، ووسائل إنتاجها. كما ارتبط هذا الشعر بممارسة الإنتاج والحياة العامة، بالعمل الفلاحي وأشغال المنزل والأعراس (t'imeghriwin)، والحفلات الشعبية... حيث يجتمع الجميع، في تظاهرات فنية يتبارى فيها الحاضرون بالإنتاجيات الشعرية والفنية المختلفة، وهذا ما أكده "بيارني" عندما ميز بين نوعين من الأشعار: "العيطة" و"إزران"(38).
إن المبدع الجماعي للشعر التقليدي الريفي، كان يشمل الذكور والإناث من مختلف فئات الأعمار.
2-ب ـ ارتباط الشعر التقليدي بالغناء:
إن الشعر الأمازيغي الريفي التقليدي، لا ينفصل عن فني الغناء والرقص، إذ يعتبر ظاهرة جماعية تندمج في المناخ الثقافي، وفي الحياة اليومية للمجتمع الذي يتمخض عنها، والذي يتوسل بها كتعبير عن أفراحه وأحزانه وانشغالاته، فيكون انبثاقا مقرونا بالمناسبات الاجتماعية والدينية، التي توقع حياة الأفراد والجماعات(39).
لقد اقترنت الأشعار الأمازيغية بالمنطقة منذ القديم، بالغناء من أجل تسهيل عملية الانتقال والرواية، وبالفعل كان للغناء الفضل الكبير في الحفاظ على مواويلنا (ملاحمنا)، وأشعارنا (إزران)، إذ جعلها تنتقل بسهولة ويسر(40).
3-ج ـ الشعر التقليدي، شعر شفوي:
ومن خصائص هذا الشعر أيضا، الشفوية. إنه شعر "يكتب" بالشفاه، و"يقرأ" بالأذن. لم يخضع للكتابة، بل ينتقل عبر الذاكرة الجماعية، والحفظ الذهني. لقد وصلنا هذا الشعر عن طريق الرواية الشفوية، أي أنه شعر سماعي، يرتبط أساسا بالأذن، وليس بالبصر. وذلك لعدة أسباب إذ أن الأغلبية الساحقة من جماهير المتلقين، والمستهدفين تتخذ السمع وسيلة للتثقيف في مرحلة سيادة هذا الشعر، وقد ترتب عن هذه الظاهرة انعكاس سلبي على هذا الشعر، الذي أصبح يعيش محنة مزدوجة:
ـ محنة للشعر ذاته، من خلال تهميشه والنظر إليه نظرة دونية والتشكيك في قيمته الجمالية، وبلاغة أسلوبه، ومصداقية مضامينه. وهذا التهميش لا يقتصر على الشعر، بل يمتد إلى مبدعيه ومستهلكيه.
ـ محنة للباحث في هذا الشعر، والذي يجد صعوبة في الوقوف على النص الأصلي أو ضبطه، أمام تعدد الروايات مع ما يرافق ذلك من زيادة، ونقصان، وانتحال. ككثرة الروايات في ملحمة "أدهار أوباران"(*)
وتجدر الإشارة، إلى أن ظروف غياب الكتابة، والحرف الأمازيغي المعروف "بتيفيناغ"(**)، هي التي رسخت الاستعمال الشفوي للإنتاجات والإبداعات الأدبية، ومن ثم توارث هذه النتاجات-ومنها الشعر- بطريقة شفوية.
3-د ـ وظيفات وتيمات هذا الشعر:
أما عن وظائف، وتيمات هذا الشعر فمتعددة بتعدد حوافز ومحيطات القول. ذلك أن للشعر الأمازيغي التقليدي بالريف وظيفة مزدوجة، فهو من جهة، إبداع فني يرمي إلى إثارة الأحاسيس الجياشة وتحريكها.
ومن جهة أخرى، هو سجل الأحداث والوقائع التاريخية المختلفة التي عرفتها المنطقة وسكانها، كما عبر هذا الشعر بعمق عن معاناة، ومآسي جماهير الريف في صراعهم مع الحياة، والطبيعة، والنظام الاستعماري والمخزني. ونقل إلينا الوضعية المزرية التي كان يعيشها الريف على جميع المستويات والأصعدة، ونوع العقلية التي كانت لدى الإنسان الريفي وطرق تعامله مع الواقع(41).
لقد وجد المجتمع الريفي في الشعر، الوسيلة أو الأداة الضرورية للمحافظة على ذكرى أحداثه الرئيسية، مثله في ذلك مثل جميع المجتمعات المغاربية(42).
ويمكن إجمال التيمات العامة لهذا الشعر الشعبي الجماعي فيما يلي:
الشعر الاجتماعي والحياة اليومية مثل: « izran n râarur»، أو « Remâani » أو « Amzawar » ويعادل شعر الهجاء، أوالنقائض، و « Izran n aridva » أو « Rehwa »، أي شعر الحب، وشعر المقاومة. « Izran n gerra »، وشعر الهجرة، والشعر الديني...
يرصد الشعر الاجتماعي تناقضات المجتمع، ويعيش مع الفقير والمضطهد همومه وآلامه، ويدعو إلى قيم إنسانية نبيلة كالعدل، والمساواة، كما يدعو إلى الإخاء، والتعاون، والتآزر بين أفراد الجماعة، وهذا التعاون نجده مجسدا في العادات الأمازيغية الأصيلة "كثاويزا" و "أذوير" و "لغرامث"، والتي لازالت مستمرة بشكل أو بآخر إلى اليوم في بعض مناطق الريف، بالرغم من القيم الفردانية، والنزعة الأنانية التي اكتسحت المنطقة بفعل عوامل عدة. من أمثلة هذا النوع المقاطع التالية التي يخاطب فيها الشاعر الجماعي المسمى "الحاج عمر" الذي يستغل مجموعة من الأيتام، ولا أحد يفكر فيهم، وينتبه إلى ما يعانونه من شدة العمل. حتى أصبح لونهم أحمر كالقمح، وقد جعل البعض منهم خماسا يحرث له الأرض والبعض الآخر يبني له الأسوار.. كما يخاطب في آخر المقطوعة "فاظما ن أرقيا" الكثيرة الصراخ، و"شعيب أمغار" الذي يشبه شواربه بشوارب القط، يقول الشاعر(43):
asidi Rhaj âmar
t’arbiht’ ibu jiren ur adij an ifekkar
yarin d’ izewggaghen am yarden deg u nnar
ij iggit’ d’ axemmas ufus u wesghar
ij iggit’ d’ abennay isâujja reswar
ad yeâd’a ssin ufighar ur itijji rat’ar
aya fadvma n aqiya aya remsew n sd’eâ
aya câayeb u mghar aya claghem u neggmar
ـ في شعر الهجاء، أو ما يسمى، râarurأو remâani أو. Amzawar
هذه المقاطع الشعرية التي سأستشهد بها هي سجال بين فتاتين وقع بينهما خلاف. تحول إلى هجاء يقوم على ذكر مساوئ بعضهما، والافتخار بمحاسنهما. تقول الفتاة الأولى(44):
qqaâ u d’ay t’cqid’ u d’ay deggid’ rh’em
aqenfuh n teqzint id izzughan irem
وكان رد الفتاة الثانية:
Arah ssiwdas sram i med’fanza n t’ghatv
inass: nnad’ured rallam mux tmwidat
وقالت الفتاة الأولى:
Ima cem d abeqraj tizin am ddexxan
Rallam d’ abarad’ n nehas d’ewanas rkisan...
ويتخذ الهجاء عدة أشكال، مع الأخذ بعين الاعتبار الحد الأدنى من المعايير المجتمعية، فهو خارج الإباحية، والتهور والميوعة، أي مطبوع بما هو فني. كما لا يقتصر على جنس دون آخر، فيشمل حتى النساء، وقد يتخذ طابعا فكريا يترجم الاختلاف حوا فهم ظاهرة من الظواهر، أو موضوع ما كالحداثة. كما في المقطع التالي:
tesrant mudva mudva ksent t’ikembucin
amudva di reâqer aya dih’bbujin (45)
* في شعر الحب (arid'a/reh'wa)
هذه قصيدة تعود إلى بداية القرن العشرين، من خلالها يسأل الحبيب عن معشوقته فاظما، ويكشف عن استعداده لتحمل الضرب من طرف إخوتها في سبيل رؤيتها... تقول القصيدة(46):
zaregh t’nayen n rebyuz x yej n tirga sessen
yennay : ijn reâqer arah h’wa ghasen
wami gha rahegh uwt’in deg afar ghedvsen
kkin jar id’urar d wenni d’ amkan n sen
Mada wig zrin fadvma n d’ ayi yesnen ?
Sebâa n ayt’ mas d ifighriwen a yeqsen
azejjad at’eccegh rmewt’ u turisen
ttaregh asen dvif llah ufigh mmunswen
wt’in ay s t’nayen yexsan deg ur inu ghensen
kkigh qaâ t’iqebbar wallu wi t’en gha yeksen
rqigh ij umjareb yennay fadvma t’essen
fadvma cem taqebbit n rehrir yed’efsen
2-1 الخصائص الفنية للشعر التقليدي الأمازيغي بالريف

(يتبع في العدد القادم)
 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting