Uttvun 74, 

Sedyûr 2003

(Juin 2003)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

Amgaru mgal i tifinagh yessenta zi Nnadvûr

Azeghri ghar wawaren n tmurt

Xdvix yits n wussan

Axub

Tabrat n mass Lmedlawi

Alghwem n izlan

Imazighen d tugherma n ileghman

Tadewra ghar idvennatv

Tarzugi n tudart

Tayrut d ugherdva

Uzlegh deffer ak

Ur izrey ma izrin

Min teona tudart?

Titsdis n tlelli

Imal isul

Ayt imal

Français

De l'humiliation épiphanique

Le coût de l'absence de la référence identitaire amazighe

La langue arabe oui, mais pourquoi?

Solidarité du vice-président du CMA avec le CM de Nador

Annonce du Groupe de recherche linguistique

Fête du 1 mai à Agadir

العربية

الحرب على تيفيناغ تنطلق من الناظور

  إتنوغرافية رقصة أحيدوس

حول مفهوم مصطلحي أكدال وأجدير

تيفيناغ ـ يركام أو إصلاح الخطأ بخطأ أفدح

 مكالمات خيالية إلى الكونكو تؤدي ثمنها تاويزا

 الأمازيغية: أي دور في مدرسة القرن 21؟

التاريخ المغربي بين الحقيقة والتدليس

الحق الأمازيغي في ليبيا

المفارقات المضحكة للتيار العروبي بالمغرب

ما تعطيه الدولة باليسرى تسحبه باليمنى

برنامج مدارات

نقابة حزب الاستقلال توجه نداء عنصريا بمناسبة فاتح ماي

تقرير الفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان

حرة بنت حرية

تأصيل انتماء الطفل

لا تقتلوا اسمي الأمازيغي

مشروع مؤسسة الريف

الحركة الأمازيغية بمراكش

الحركة التلاميذية بتنزولين

المؤتمر الليبي للأمازيغية

بيان استنكاري

بيان أمزداي أنامور

بيان حول منع السلطات لتيفيناغ بالناظور

بيان الحركة الأمازيغية بالناظور بمناسبة 1 ماي

بيان تلامذة دادس

بيان حول اعتقالات داخل ليبيا

جمعية انزووم

جمعية تيموزغا

رئيس الكنكريس الأمازيغي بالناظور

 

"تيفيناغ ـ يركام" أو إصلاح الخطأ بخطأ أفدح

بقلم: محمد بودهان

 

إذا تركنا مجاملة الذات جانبا وواجهنا الواقع بمعطياته وحقائقه الغير المجاملة للذات، فلا يسعنا إلا أن نجهر بأن تبني حرف "تيفيناغ" من طرف المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كان قرارا غير صائب، بل خطأ ـ إن لم نقل خطيئة ـ لأنه يحول الأمازيغية إلى بداية لا تنتهي، ومشروع كبير يتطلع دائما إلى الإنجاز، وحلم جميل ينتظر دائما أن يتحقق. ومع ذلك فقد كنا واقعيين وقلنا إن هذا لخطأ كان ضروريا ولا مناص منه مثل قوة قاهرة لا يمكن ردها ولا تجنبها، ويبقى السبيل الوحيد لتجاوز هذا الخطأ وتصحيحه والتخفيف منه هو تهيئة تيفيناغ بالشكل الذي يجعل منها حرفا سهل الاستخدام، نظيفا وبسيطا في الكتابة والاستعمال.

لكن الوثيقة التي أعدها مركز التهيئة اللغوية بالمعهد حول الشكل النهائي والرسمي لتيفيناغ، والتي قرأنا عنها في الصحافة فقط (ماروك إيبدو عدد 552؛ الصحيفة ليوم 4/4/2003)، دون أن نتوصل بنسخة منها، والتي سماها "تيفيناغ ـ يركام"، خيبت آمال من كان ينتظر التغطية عن خطأ اختيار تيفيناغ بتحسين هذا الحرف وتبسيطه وتيسير الكتابة به. لنلق نظرة على "تيفيناغ ـ يركام":

1 ـ يجب التنويه أولا بما قام به باحثو المركز من استغناء عن العلامات الإضافية المميزة للتفخيم، والتي كانت تكتب تحت الحروف المفخمة على شكل نقط تسيء إلى جمالية الخط وهندسة الحروف، كما جاء في مطبوع "كتابة الأمازيغية المعيار" الذي أعده المركز قبل قرار اختيار تيفيناغ. أما "تيفيناغ ـ يركام" فقد خلقت حروفا كاملة للأصوات المفخمة التي كانت ناقصة، وهي: "ص"، و"ر".

2 ـ  لكن للأسف الشديد لم تعمم "تيفيناغ ـ يركام" هذا الاستغناء عن العلامات الإضافية المميزة إلى الحروف المشفهة Les labiovélaires. كل ما فعلته هو تغيير شكل تلك الزوائد الحرفية التي كانت دوائر صغيرة تكتب أعلى السطر  en exposant أمام الحرف المشفّه ـ كما في مطبوع "كتابة الأمازيغية المعيار" ـ بشكل الحرف اللاتيني w الذي هو في نفس الوقت الحرف "و"  في أبجدية تيفيناغ. فهذا الحرف المستعمل بهذا الشكل للدلالة على التشفيه، قد يخلق التباسا في ذهن التلميذ الصغير ولا يسهل عليه تعلم الكتابة، لأن هذا الحرف المستعمل كزائد يميز التشفيه له وظيفة أخرى هي علامة حرف "و" كما في Awal، وأن كتابته للدلالة على التشفيه فوق السطر بمسافة فاصلة لن يرفع هذا الالتباس عند التلميذ في بداية تعلمه الكتابة ما دام أن لهذه العلامة وظيفتين ودورين مختلفين من الصعب ضبتهما بسهولة بالنسبة للعقل الصغير للطفل الصغير. بالإضافة إلى هذه المساوئ ذات الأثر البيداغوجي السلبي الواضح، فإن كتابة هذه الزوائد في غير المكان العادي للحروف (فوق السطر) يسيء إلى جمالية حرف تيفيناغ والكتابة بصفة عامة، والجمالية عامل تجب مراعاته كذلك في إعداد الخطوط الجديدة.

ما دام أن هذه العلامات التشفيهية تأخذ مكان Espace حرف كامل، لماذا لم تُُقترح بدلها، رفعا للالتباس وحفاظا على جمالية الخط وانسجام الحروف في أحجامها، علامة حرفية كاملة تكتب على السطر مثل كل الحروف وليس فوقه، وتكون وظيفتها تشفيه الحرف الصامت الذي يسبقها؟ وفي هذه الحالة كان بالإمكان خلق علامة حرفية جديدة لها وظيفة محددة هي تشفيه الصامت الذي قبلها، أو استعمال حتى حرف لاتيني يدرج ضمن الأبجدية الأمازيغية أو الاكتفاء كذلك بعلامة (') Apostrophe للدلالة على التشفيه. فبهذه الطريقة سنربح النظافة والجمالية (انسجام متوازن في أحجام الحروف) والوضوح (كل علامة لها وظيفة واحدة محددة)، وبالتالي السهولة والبساطة والاقتصاد في تعلم الكتابة الأمازيغية بالنسبة للطفل الصغير. أما الطريقة المتبعة في "تيفيناغ ـ يركام" فلا نربح معها مساحة زائدة، ولا الاختصار والاقتصاد في المجهود وعدد الحركات اليدوية لإنجاز الكتابة، لكن نخسر معها الجمالية والنظافة والوضوح، وهو ما يرفع من كلفة الكتابة، وخصوصا كلفة تعلمها لدى الطفل الصغير. يبدو أن الباحثين الذين أعدوا "تيفيناغ ـ يركام" لم يفكروا في هذا الطفل الصغير ابن الأربع سنوات، بل في الراشدين أمثالهم ممن قضوا سنين طويلة وهم يدرسون اللسانيات ومختلف النظريات النحوية.

3 ـ قصَرت "تيفيناغ ـ يركام" خاصية التشفيه على حرفين إثنين فقط، هما: k و g، معتبرة الحروف المشفهة الأخرى مجرد حصائص صوتية "ذات طابع محلي". مع أنه تكفي العودة إلى العامية المغربية، التي أخذت تقريبا كل خصائصها الصوتية من الأمازيغية، لنلاحظ أن خاصية التشفيه تتجاوز حرفي k و g لتشمل حروفا أخرى ذات طابع عام مشترك (وطني)، مثل: "أش خبارك" = كيف حالك؟ ـ بّا = أبي (تشفيه الباء)، "لحمار" = الحمار ـ مّي = أمي (تشفيه الميم)، "مرّا" = مرّة ـ لغراب = الغراب (تشفيه الراء)... وبما أن العامية المغربية مشتركة ووطنية، وتحتوي على حروف مشفهة من غير k وg، التي هي أصلا خصائص صوتية أمازيغية لأن العربية لا تعرف الأصوات المشفهة، فالنتيجة أن هذه الحروف المشفهة هي عامة ومشتركة، وليست خصائص محلية يمكن الاستغناء عنها. ولا ننسى أنها موجودة كذلك في أمازيغية الجزائر، الشيء الذي يجعل منها ظاهرة عامة وواسعة الانتشار. وتبعا لذلك فإن التشفيه المقصور على k و g هو الذي يصبح خاصية ذات طابع محلي، وليس الحروف الأخرى. 

4 ـ في "تيفيناغ ـ يركام" كتب الزاي المرقق بستة رؤوس هكذا Z، والمفخم بنفس الشكل مع إضافة خط أفقي يقسم الحرف قسمين متساويين ومتقايسين. فيكون إنجاز الزاي الأول (المرقق) يتحقق بثلاث حركات يدوية والثاني بأربع. مع أنه كان بالإمكان كتابة الزاي المفخم كذلك بثلاث حركات فقط ربحا للوقت والجهد والبساطة، وذلك بأن يكون الزاي المرقق بأربعة رؤوس بدل ستة، أي بدون مد للخط العمودي خارج القوسين المشكلين للحرف. أما الزاي الثاني، أي المفخم فبستة رؤوس نحصل عليها بمد الخط العمودي خارج القوسين إلى أن يتساوى مع الرأسين الأعليين والأسفلين، فيصبح مجموع الرؤوس ستة ما بين الأعلى والأسفل. وفي هذا اختصار في عدد الحركات التي على اليد أن تقوم بها لكتابة حرف الزاي المفخم التي تصبح فقط ثلاث حركات بدل أربع كما في "تيفيناغ ـ يركام". وفي هذه الطريقة ربح للوقت والجهد، فضلا عن البساطة والسهولة. وندرك بيسر الفرق بين الطريقتين وأفضلية الثانية على الأولى إذا كتبنا مثلا خمسة آلاف مرة حرف الزاي المفخم بالطريقتين، فسنلاحظ أننا سننتهي حتما من الكتابة بالطريقة الثانية في مدة أقل من التي سنستغرقها باتباع الطريقة الأولى ـ طريقة "نيفيناغ ـ يركام" ـ لأن هذه الأخيرة تتطلب أربع حركات عكس الطريقة الأخرى الأكثر اختصارا لأنها تنجز الحرف بثلاث حركات فقط. وهو ما يعني ربحا في الوقت والجهد. وهو عنصر أساسي في التعلم بصفة عامة وتعلم الكتابة وممارستها بصفة خاصة، لاسيما لدى الصغار الذين يتعلمونها لأول مرة.

طريقة كتابة الزاي المفخم بثلاث حركات فقط، كما شرحت، ودون خط أفقي كحركة رابعة ليس شيئا جديدا، بل هو معروف وممارس رسخته مجموعة هولندا التي سبق لها أن أصدرت خطوطا حاسوبية لتيفيناغ بهذه الطريقة.

5 ـ لقد غيرت "تيفيناغ يركام" حرف الألف "أ" من شكل نقطة إلى شكل دائرة صغيرة. وهو تغيير مفيد وله وظيفة، وهي عدم الخلط بين علامة النقطة وحرف الألف. لكن هناك تغييرات أخرى استبدلت فيها بعض العلامات الحرفية المعروفة بأخرى جديدة دون أن يظهر أن لهذا الاستبدال مبررا معقولا ووجيها. وهكذا أصبح حرف "ي" ـ كما في "أييس" ـ يكتب في "تيفيناغ ـ يركام" هكذا Y، أي على شكل همزة عربية، بعد أن كان يكتب دائما بشكله المعروف هكذا Y، على شكل حرف U اللاتيني معكوسا. والعين "ع" الذي كان يرسم على شكل نون عربي معكوس هكذا o، أصبح في "تيفيناغ ـ يركام" يكتب هكذا O، أي كغين "غ" أمازيغي V معكوس. كما استبدلت أشكال حروف أخرى مثل الباء "ب" (ولو أن شكلها الجديد كان مستعملا بالجزائر) والهاء "ه". إن تغيير رسم حروف معروفة ومتداولة ومنتشرة برسمها المعروف دون أن يكون لذلك أي مبرر بيداغوجي أو خطي ـ تيسير الكتابة أو الاقتصاد في الجهد والوقت ـ يزيد من كلفة تعلم الحروف الجديدة بالنسبة لمن سبق لهم أن تعلموا تيفناغ، وتتمثل هذه الكلفة فيما تتطلبه الحروف الجديدة من وقت وجهد لاستيعابها واستدخالها واستعمالها، فضلا عما سيحثه ذلك من قطيعة على مستوى الاستمرار في ممارسة كتابة تيفيناغ بحرف موحد ومعروف، بعد أن أحدث اختيار تيفناغ كحرف رسمي للأمازيغية قطيعة، على مستوى التواصل الكتابي، بين أمازيغيي المغرب وبقية الأمازيغيين في العالم.

 إن الحرف الذي كان ينبغي تغيير رسمه ـ بجانب حرف الألف ـ تجنبا للخلط بينه وبين نفس العلامة الدولية المعروفة هو حرف "ت" الذي يكتب كعلامة زائد (T). لكن "تيفيناغ ـ يركام" أبقت على هذا الحرف كما هو رغم ما قد يسببه من مشاكل في تعلم تيفيناغ وقراءتها بالنسبة للمتعلم الصغير.

6 ـ تم الاستغناء في "تيفيناغ ـ يركام" عن الحروف الدالة على الأصوات الرخوة Les spirantes، مثل "ذ" و"ث"، باعتبارها، كما جاء في وثيقة "تيفيناغ ـ يركام"، »خصائص صوتية ذات طباع محلي«. أعتقد أنه تحسن مناقشة هذه المسألة من نواحٍ أربعٍ:

أ ـ قبل التمييز بين ما هو محلي وما هو عام ومشترك، ينبغي أولا التمييز بين الأصوات التي لها دور وظيفي تمييزي Pertinence وبين ما ليس له مثل هذه الدور الوظيفي التمييزي، وبالتالي يمكن الاستغناء عنها دون أن يتسبب ذلك في أي التباس أو غموض في القراءة والفهم. فكلمة "Tudert" مثلا قد تقرأ في الشمال "ثوذرث"، أي بالذال والثاء حسب النطق الرخوي لأمازيغية الشمال بالمغرب والجزائر، وتقرأ عند أمازيغي الجنوب، بالمغرب والجزائر كذلك، "تودرت"، أي بتاء ودال غير رخويين. ففي مثل هذه الحالة، وهي الغالبة، لا حاجة لتخصيص علامات حرفية خاصة للتمييز بين "د" و"ذ" وبين "ت" و"ث". وهذا طبعا غير ممكن ولا صحيح إلا بالنسبة للكتابة بالحرف اللاتيني.

لكن إذا كانت هذه الحالة التي لا يلعب فيها النطق الرخوي أي دور وظيفي تمييزي هي الغالبة، كما قلت، فإن هناك حالات، ليس بالكثيرة حقا، تلعب فيها الترخية دورا تمييزا أساسيا، كما في التمييز بين الضمائر المنفصلة المؤنثة والمذكرة في أمازيغية الشمال بالمغرب والجزائر، في جمل مثل: Ittu t. فهذه الجملة قد تعني "نسيها" وكذلك "نسيه". وليس هناك من وسيلة لرفع هذا الالتباس في أمازيغية الشمال بالمغرب والجزائر إلا بكتابة "إيتّو ت" للضمير الدال على المؤنث و"إيتّو ث" للضمير الدال على المذكر. وهو ما أشير إليه في الكتابة المتبعة في "تاويزا" بحرف Apostrophe ('): Ittu t' للمذكر و Ittu t للمؤنث. لا شك أن "تيفيناغ ـ يركام" ستلجأ إلى استعمال التاء المشددة tt للتمييز بين الضمير المؤنث والضمير المذكر في مثل هذه الحالات كما هو معمول بذلك منذ مدة. لكن، بما أن التاء المشددة لها دور آخر هو التشديد La tension، فإن إعطاءها دورين ووظيفتين سيخلق مشاكل إضافية لتعليم الأمازيغية للصغار، وهي مشاكل من الصعب أن يدركها الكبار المتعلمون، إلا من له تجربة بيداغوجية عملية طويلة مع تعليم الصغار.

لنأخذ، من غير هذا المثال الخاص بالتمييز بين الضمير المؤنث والمذكر، فعل Dded، أي "عرق" Transpirer ونصرفه إلى المستقبل مع ضمير المفرد المتكلم (أنا). فسنكتب، مقايسة مع الأفعال التي هي من نفس الصنف والوزن: Ad dddegh، وهو ما لا معنى له إطلاقا. وحتى إذا كتبناه بلا تشديد Ad ddegh، فسيعطينا فعلا آخر ربما لا وجود له في الأمازيغية، وهو فعل Dd (Edd). فلتجنب هذا المأزق يُنطق الصامت الثاني في أمازيغية الشمال بالمغرب والجزائر ذالا، أي صوتا رخويا، فنكتب في مثالنا: أذ دذغ Ad dd'egh. هنا تظهر ضرورة الإبقاء على الأصوات الرخوة والحروف الدالة عليها، لأنها جزء من النظام الصوتي الأمازيغي. لهذا نجد أن كل الأبجديات التي اقترحت لكتابة تيفناغ كانت تتضمن جميعها هذه الحروف الرخوة ("ث" و"ذ") بأشكالها المعروفة والمتداولة منذ زمن بعيد، حيث يرسم الذال كدال معكوس والثاء كعلامة الضرب المعروفة x. وقد أقر باحثو INALCO في كل الأعمال التي أنجزوحا حول موضوع كتابة الأمازيغية، وخصوصا أعمال 24 ـ 25 جوان 1996 وأعمال 5 إلى 9 أكتوبر 1998، الحروف الرخوة (الذال والثاء) كجزء من الأبجدية الأمازيغية، رغم أنهم كانوا بصدد إعداد نظام للكتابة بالحرف اللاتيني الذي لا تظهر فيه ضرورة هذين الحرفين بنفس المستوى الذي تظهر فيه عند الكتابة بتيفيناغ.

كان من الأفضل إذن الاحتفاظ على حروف الترخية لاستعمالها في الحالات التي تكون فيها ضرورية لأن لها دورا وظيفيا تمييزيا.

ب ـ ما هو المعيار الذي نميز به بين خاصية صوتية محلية، وبالتالي يجب الاستغناء عنها، وخاصية صوتية مشتركة وعامة يجب الاحتفاظ بها؟ ما هو مدى المساحة الجغرافية التي تضفي على هذه الخاصية الصوتية أو تلك طابع المحلية أو العمومية؟ أو ما عدد السكان الذين يجب أن ينطقوا بهذا الصوت أو ذاك حتى يكون ذات طابع محلي أو مشترك؟

 لنأخذ كمثال الأصوات الرخوة التي اعتبرتها "تيفيناغ ـ يركام" خصائص صوتية محلية. فالمعروف أن هذه الأصوات الرخوة، الثاء والذال، يُنطق بها في كل شمال المغرب وجزء من الأطلس، وفي مناطق كثيرة بالجزائر، وخصوصا بالقبايل. فهل هذه الخاصية الصوتية، الملاحظة عند نصف أمازيغيي المغرب، والتي تتجاوز حدود بلدنا لنجدها منتشرة بالجزائر، هي خاصية محلية؟ لا يقول بهذا إلا من يعتبر نفسه هو مركز العالم، وأن كل ما عدا ذلك فهو مجرد هوامش و"خصائص محلية".

إذا كانت هذه الأصوات الرخوة، باستعمالها الواسع وانتشارها الكبير خاصية محلية، فماذا ستكون الأصوات الأخرى المغلقة Occlusifs المقابلة لها؟ إن هذه الأخيرة منتشرة بجنوب المغرب وجزء من الأطلس، وكذلك بجنوب الجزائر عند الطوارق الذين يشكلون، كما هو معروف،  مجموعة قليلة العدد مقارنة مع أمازيغيي شمال الجزائر.. فهي إذن خاصية صوتية محلية بنفس القدر والدرجة ـ أو ما يفوق ذلك بكثير ـ التي نحكم بها على الأصوات الرخوة بأنها خصائص صوتية محلية. فاعتبار هذه أو تلك محلية والأخرى عامة مشتركة لا ينبني إذن على أي أساس علمي ولا منطقي ولا واقعي، بل هو نوع من التفضيل لخصائص هذه اللهجة على تلك بناء على الانتماء إلى الأولى وإتقانها والجهل بالثانية وعدم معرفتها وإجادتها. صحيح أن هناك خصائص صوتية محلية، لا جدال فيها، مقصورة على مناطق محدودة، كما هو الأمر بالنسبة لنطق اللام راء والكاف شينا وتحويل اللام المشدد إلى "دج"، كما يلاحظ ذلك في بعض مناطق الريف الأوسط فقط، ولكن ليس في كل لهجات الشمال، خلافا للأصوات الرخوة التي نجدها في كل لهجات الشمال بالمغرب والجزائر.

ج ـ تقول وثيقة "تيفيناغ ـ يركام" بأن الهدف من هذه الأبجدية» أساسا أن تدون الأمازيغية المعيارية. ومن شأن هذه الأبجدية أن تساهم في إعداد البنية الصوتية للغة الأمازيغية في أفق توحيدها التدريجي«. وهذا ما يتنافى مع الاستغناء على ما اعتبرته هذه الوثيقة خصائص محلية والاحتفاظ على أخرى اعتبرتها مشتركة، لأن هذا الاستغناء وهذا الاحتفاظ منذ الآن يعني فرضا قسريا لأمازيغية "معيارية" جاهزة وليست في طور التكوين التدريجي، ذلك أن التوحيد التدريجي للأمازيغية يعني الانطلاق مما هو قائم وكائن، ثم الاتجاه تدريجيا نحو التوحيد مع الاستغناء تدريجيا كذلك عما يثبت أنه محلي وغير ضروري ولا مفيد. أما أن نحدد منذ البداية ما هو محلي وما هو عام مشترك بدعوى أننا نريد »أن ندون الأمازيغية المعيارية«، فهذا لن يكون إلا محاولة تعسفية لرفع لهجة إلى مرتبة لغة "معيارية" واستبعاد أخرى باعتبارها مجرد خصائص محلية للأولى، كحالة الأصوات الرخوة وغير الرخوة، والأصوات المشفهة وغير المشفهة، خصوصا إذا كان أصحاب هذه الاختيارات لا يعرفون ولا يتقنون كل اللهجات الأخرى، مما يغري طبيعيا على إخضاعها للهجتهم الوحيدة التي يعرفونها ويتقنونها، لاسيما إذا كان جل الباحثين الذين يقررون فيما هو محلي وما هو مشترك ينتمون إلى منطقة واحدة ولهجة واحدة، كما هو الشأن بالنسبة لمركز التهيئة اللغوية بالمعهد، حيث إن جل الفاعلين الحقيقيين فيه ينتمون إلى جهة واحدة ولهجة واحدة. وهو ما ستنتج عنه لغة معيارية على الطريقة القريشية، ولكن دون فتوحات ولا غزوات ولا كتاب منزل. لهذا كان من الأفضل، بل من الواجب والضروري، أن يشترط فيمن يشتغلون على إعداد أمازيغية مشتركة، وكذلك فيمن يشتغلون على برامج تعليم الأمازيغية، أن يجيدوا كل اللهجات الأمازيغية بالمغرب، فضلا عن شرط التمثيل الجهوي واللهجي.

د ـ تجنبا لمثل هذه المشاكل ذات الحساسية الشديدة التي قد تعيق توحيد الأمازيغية أكثر مما قد تساهم في ذلك، فإن أحسن طريقة لبناء لغة أمازيغية موحدة ومشتركة هي تعليم الاختلافات اللهجية الجهوية الأمازيغية لكل التلاميذ، بدل حذفها أو الاستغناء عنها مع الاحتفاظ بأخرى. وهذا ما سينتج عنه، بعد التمكن من معرفة هذه الاختلافات، الاختيار في استعمال هذه الخصائص المحلية أو تلك في الكتابة والتواصل. وبعد جيل أو أكثر، ومع التعليم المدرسي للأمازيغية والإنتاجات الكتابية واتساع حركة النشر والكتابة بالأمازيغية،  ستنشأ، عن طريق البقاء للأصلح والأفضل، والانتقاء التلقائي، وليس القسري، لغة معيارية مشتركة دون أن تكون مفروضة من طرف جهة ما ولا نتيجة تفضيل لهجة على أخرى. الامتياز الثاني لهذا التصور في توحيد الأمازيغية هو أن اللغة المعيارية المشتركة التي سنحصل عليها، بعد سيرورة وتطور قد يستغرقان جيلا أو أكثر، سوف لن تختلف كثيرا ـ أو إطلاقا ـ عن لغة الأم رغم أنها تكون هي لغة التعليم والتدريس.

إن ما ينقص "تيفيناغ ـ يركام" ليس هو العلم، بل ربما أن عيوبها جاءت نتيجة قدر كبير من العلم الذي استندت إليه، وإنما هو الخيال الإيجابي الذي يسمح بتصور حلول وبدائل وأجوبة جديدة لأسئلة ومواقف وحاجات جديدة أصبحت تطرحها اليوم الأمازيغية، سواء تعلق الأمر بحرف كتابتها أو بطرقة توحيدها أو بمنهجية تدريسها.  

7 ـ قلت بأنني قرأت عن "تيفيناغ ـ يركام" في الجرائد الوطنية. وبما أنني عضو في المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ولا علم لي بـ"تيفيناغ ـ يركام"، لم أصدق أن إدارة المعهد لا تكون قد أرسلت نسخا من "تيفيناغ ـ يركام" إلى أعضاء المجلس الإداري لإطلاعهم على هذه الإنجاز، خصوصا أنهم أول المعنيين بالأمر لأنهم هم الذين وافقوا على حرف تيفنياغ في اجتماع 30، 31 يناير 2003. وحتى أتبين حقيقة الأمر اتصلت ببعض أعضاء المجلس الإداري فأكدوا لي أن لا علم لهم بالموضوع، وأنهم لم يتوصلوا بأي شيء ذي علاقة بهذه المسألة، بل كذلك تلقيت مكالمات من أعضاء بالمجلس الإداري يستفسرونني هل توصلت بـ"تيفيناغ ـ يركام".

هكذا تأكد لي إذن أن المعهد قد أصدر وثيقة رسمية تتعلق بالتهيئة النهائية والرسمية لتيفناغ دون أن يتكرم حتى بإخبار أعضاء المجلس وإطلاعهم على هذه الوثيقة. وهذا شيء يحز في النفس ويبعث على الأسف لأنه قد يعني:

أ ـ تهميش أعضاء المجلس الإداري بجعلهم آخر من يعلم بما يجري داخل المعهد وحصر دورهم في "التصويت" وفي "التخليصة" كل ثلاثة أشهر.

ب ـ الإسهام في انعدام التواصل بين مكونات المعهد.

ج ـ غياب الشفافية والوضوح والمكاشفة فيما يتعلق بإنجازات وأعمال المعهد.

المشكلة بالنسبة لأعضاء المجلس الإداري هو أن الحركة الأمازيغية، وكل المعنيين بالشأن الأمازيغي، لا يعرفون من المعهد إلا مجلسه الإداري الذي يحملونه وحده كامل المسؤولية، دون مراكز البحث والأقسام الأخرى المكونة لبنية المعهد، في كل ما ينجز بالمعهد من أعمال تتعلق بالأمازيغية. وهكذا، فبمجرد ما علم المواطنون المهتمون بالأمازيغية، عن طريق الصحافة، أن المعهد قد انتهى من إعداد الصيغة النهائية لحرف تيفيناغ حتى سارع المعلمون ومديرو المدارس الابتدائية إلى من يعرفون من أعضاء المجلس الإداري يستفسرونهم ويطالبون منهم نسخة من "تيفيناغ ـ يركام". وهذا ما حصل معي شخصيا عندما اتصل بي بعض مديري المدارس الابتدائية وطلبوا مني نسخة من "تيفنياغ ـ يركام" التي كنت أجهل عنها كل شيء. وهو ما سبب لي حرجا كبيرا وضيقا كثيرا.

وحتى لا يعتبر كلامي هذا مجرد تهويل من عدم تمكين أعضاء المجلس من هذه الوثيقة وإطلاعهم عليها، أقدم حقائق حول الموضوع بوقائع وأسماء وتواريخ تبين النتائج السيئة لعدم إطلاع أعضاء المجلس الإداري على "تيفيناغ ـ يركام". لقد اتصل بي رئيس المجلس البلدي لمدينة الناظور ـ كما اتصل بزملاء آخرين أعضاء بالمعهد ينتمون إلى نفس المنطقة حول نفس الموضوع ـ يوم 22 أبريل وأبلغني أن المجلس البلبلدي يعتزم إعادة كتابة علامات المرور "قف" بالأمازيغية وبخط تيفيناغ، تطبيقا لقرار المجلس الإداري الذي اختار تيفيناغ كحرف رسمي للأمازيغية، والذي زكاه وصادق عليه الملك. وألح رئيس المجلس أنه يريد كتابة الأمازيغية بآخر صيغة نهائية ورسمية للحرف الأمازيغي توخيا لوحدة كتابة الأمازيغية على الصعيد الوطني، خصوصا أن الأمر يتعلق بأمور عمومية وليست خاصة. وهنا أسقط في يدي ووجدت نفسي أمام اختبار عسير يشبه المأزق. وحتى الاتصالات الكثيرة التي قمت بها إلى زملاء وأصدقاء بالرباط لم تسفر عن نتائج إيجابية، وأن الرسائل الإلكترونية التي وصلتني "محملة" بـ"تيفيناغ ـ يركام" وصلتني معطوبة ومبتورة وغير قابلة للقراءة، وهو ما استغربت له كثيرا. وفي الأخير قررت أن اكتب بـ"تيفيناغ" المعروفة والمتداولة بالمغرب، ظنا مني أن مركز التهيئة اللغوية لن يقدم على تغيير حروف "تيفيناغ" المعروفة والمنتشرة، وأن التعديلات التي قد يدخلها على هذه الأبجدية قد تمس طريقة كتابة علامات التفخيم والمشفهات والأصوات الرخوة، التي كانت دائما موضوع خلاف، عكس الحروف الأخرى التي كانت قارة وموضوع شبه إجماع.

لكن كم كانت صدمتي قوية وإحباطي كبيرا وشعوري بالحرج عميقا عندما توصلت، أخيرا وبعد محاولات غير مجدية، من الرباط بفاكس يتضمن جدول "تيفيناغ ـ يركام" ولاحظت أن هذه الأخيرة تحتوي على حروف جديدة اضطررت معها للاتصال برئيس المجلس البلدي لأبلغه بضرورة إجراء تعديلات على ما سبق أن كتبناه فيما يتعلق بعلامات المرور ولوحات أخرى، مقدما له تاريخ الفاكس كعذر لهذا "الخطأ"، وهو ما جعله يتساءل كيف أن عضوا بالمجلس الإداري لا علم له بـ"تيفيناغ ـ يركام" إلا بعد مرور أزيد من شهر ونصف على صدورها.

ما الذي منع إذن المعهد، بعمادته وإدارته وكتابته العامة ومركزه للتهيئة اللغوية، من إخبار أعضاء المجلس بـ"تيفيناغ ـ يركام" وإرسالها لهم ما دام أنها جديدة، غير معروفة ولا منتشرة؟

هناك من يعترض بأن الظهير المنظم للمعهد لا يتضمن أي نص يلزم إدارة المعهد ولا أي مركز به بإخبار أعضاء المجلس باستمرار بما ينجز من أبحاث وأعمال. دون الدخول في نقاش قانوني شكلي، نرد بأن إعطاء الظهير لأعضاء المجلس اختصاص تحديد التوجهات العامة للمعهد وصلاحية مراقبة سيره وأعماله يتضمن، تلقائيا، ومن باب القواعد العامة ودون حاجة إلى التنصيص على ذلك في فصل خاص، حق المجلس في الاطلاع على كل جديد يتعلق بأعمال ومنجزات مراكز البحث، ليس مرة في السنة، ولا حتى عند كل اجتماع فحسب، بل باستمرار، وكلما كان هناك جديد, ويتم هذا الاطلاع بإخبار الأعضاء بهذا الجديد وتمكينهم من كل الوثائق المتعلق بالموضوع. وحتى إذا فرضنا جدلا أن القانون لا يلزم أية جهة تابعة للمعهد بإخبار الأعضاء بكل جديد وتمكينهم كل مرة بالوثائق المتعلقة بذلك، أفلا تفرض اللياقة والزمالة والتعاون والتواصل بين مكونات المعهد إطلاع أعضاء المجلس على كل إنجاز جديد بمراكز البحث؟

إن تسمية هذه الأبجدية الجديدة التي أقرها مركز التهيئة اللغوية بـ"تيفناغ ـ يركام"  هي وحدها ـ أي التسمية ـ تعطي تفسيرا كافيا لعدم إخبار الأعضاء الذين لا يشتغلون بالمعهد بهذا الإنجاز الأخير. ذلك أن "تيفيناغ ـ يركام"، كما يدل على ذلك اسمها، هي أبجدية خاصة بيركام، يتم تداولها واستعمالها داخل حجراته وجدرانه ولا يجب أن تخرج إلى الشارع وإلى المجتمع وإلى المواطنين. وربما هذا هو المصير الذي ينتظر "تيفيناغ" ككل بالمغرب، وليس فقط "تيفيناغ ـ يركام"، أي أنها تبقى موضوعا للبحث والاشتغال، مثل الهيروغليفات، خاص فقط بمن يشتغل بالمعبد/المعهد. ويبدو أن هذا ما تريده وتنتظره السلطة بالفعل من "تيفيناغ"، هذه السلطة التي سارعت إلى منع كتابة تيفيناغ من شوارع الناظور (انظر الافتتاحية)، مؤكدة بذلك أن تيفيناغ التي صادق عليها الملك، هي تيفيناغ خاصة بالمعهد وباحثيه، وليس بالشوارع والمحاكم والإدارات والمدارس والجامعات.

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting