"
أملاخ
"، يهودي من
تنغير
يتحدث عن
يوسف بن
تاشفين
بقلم:
عساسي عبد
الحميد (الرباط)
كنت
في أغمات
لتجارة لي. لقد
قدمنا بجمال
محملة بتمور و
عسل تنغير،
وكانت أخبار
بن تاشفين قد
سبقتنا قبل
قدومنا
لأغمات، و
سمعنا كثيرا
عن فروسيته و
نبل أخلاقه.
لقد أمضينا
شهرا كاملا
هناك نبيع و
نشتري و قد
ربحنا كثيرا
بفضل الله. في
الأيام
الأخيرة كنا
في عجلة من
أمرنا لأن عيد
"الشبوعوت"
كان على
الأبواب و
كذالك عرس
آبنتي "ميريام".
و لهذا كان
يجدر بنا أن
نعود لتنغير
في أقرب وقت
ممكن.
في
اليومين
الأخيرين كنت
أتردد على
السوق لتصفية
بعض الحساب و
اشتريت كذالك
أقمشة و حليا
لإبنتي "
يريام" كي
تتزين بها في
يوم عرسها. لقد
كانت شمس ذالك
اليوم لافحة
وأخذ مني
التعب مأخذا،
فقصدت الباب
الخلفية
للسوق حيث
تتواجد بعض
الأشجار لكي
أستريح و
أسترجع بعضا
من أنفاسي.
وعلى مقربة
مني شاهدت
عمالا يبنون
سورا عاليا و
هم في قمة
همتهم
ونشاطهم رغم
حرارة الشمس. و
فيما أنا جالس
تحت الشجرة
شاهدت أحد
البنائين
قادما نحوي
بثياب رثة لكن
البشر كان
يملأ عينيه و
السماحة تعلو
محياه. حياني
فرددت التحية
ثم قال لي يبدو
أنك تعبت
كثيرا و عطشت،
خذ من هذا
الماء إنه
بارد ،
فناولني قربة
ماء فشربت
منها حتى
ارتويت ثم
انصرف الرجل.
فإذا به ثانية
يعود حاملا
قدحا من اللبن
و قطعة خبز من
الشعير
فناولني
إياها. و كنت
جائعا بحق
فشكرته كثيرا.
أدخلت يدي في
كيسي وأخرجت
منه قنينة من
العسل الجيد و
قلت له أرجو أن
تقبلها مني
إنها من أجود
عسل تنغير و
أحسن ما بعته
في السوق،
فأخذها مني
شاكرا باسما و
دعا لي
بالتوفيق
و البركة في
تجارتي. و قبل
أن ينصرف قال
لي يبدو أنك
تريد تخليص
جميع أعمالك
اليوم قبل
غروب شمس
الجمعة، فغدا
يوم السبت
وللسبت حرمته
عندكم أنتم
اليهود، فإن
كنت راغبا
ساعدك بعض
عمالنا على
ترتيب أمورك و
قضاء كل
أغراضك.
فشكرته من
خالص قلبي
للطفه و
مروئته و قلت
له لا داعي
لإشغالكم و
إتعابكم ، فقد
قضيتم أنتم
كذلك يوما
شاقا في العمل
الجاد، أما
أنا فقد أوشكت
على إنهاء ما
تبقى لي من
العمل، و أظن
أني منهيه قبل
غروب الشمس،
و إن احتجت
لمعونة أو
سند قصدتكم
دونما حرج.
أمضيت
الليلة
الأخيرة ببيت
حبر الطائفة
بأغمات و هو
الذي أخبرني
أن ذالك الرجل
البناء ذا
الثياب الرثة
الذي سقاني من
مائه وأعطاني
من خبزه و عرض
علي مساعدته و
عونه ما هو إلا
الملك آبن
تاشفين بجلده
و عينيه.
قرأنا
تلك الليلة
صحبة الحبر
الجليل و بعض
يهود سوس
وصنهاجة فصلا
من التوراة و
المزامير،
ورتلنا
ترانيم
أجدادنا
القديمة، و
كنت أدعو لملك
تامازغا من
خالص إيماني
بالصحة و طول
العمر، و فيما
نحن نتلو سفري
صموئيل
والملوك،
تذكرت ما قاله
لي ذات يوم
والدي
الراحل،
المنعمة روحه
في العلياء
والمحروسة
دوما في حرز
الحياة، قال
لي والدي "إن
حياة الترف و
القصور تفسد
أخلاق الملوك
فيفسد أمر
الرعية، و
ببساطتهم و
تواضعهم يبسط
العدل جناحيه
على البلاد و
تسود
الطمأنينة
بين قلوب
الناس فيفيض
ينبوع الخير
لينهل منه
الجميع ...".
لم يكن والدي
حاخاما و لا
متعمقا في
أمور
الشريعة، لقد
عاش بسيطا و مر
من دنيانا
بسيطا و رحل
عنها متواضعا
وديعا. لكن
كلامه كان
ينضح حكمة و
ينبض منطقا و
سدادا. رحمك
الله ياوالدي
و جعل حياتك
الأخرى كلها
عزاء في حضن
أبينا
إبراهيم و
الأنبياء.
في
طريق عودتنا
لتنغير توقفت
بنا القافلة
عند ضريح أحد
اولياء
اليهود
الصالحين.
فحملت ذكرى
ابن تاشفين
قرب مقام
ولينا
الطاهر، و
دعوت له
بالنصر و
التأييد أنا و
من معي من يهود
تنغير.
بعد
مضي سنة وضعت
ابنتي "ميريام"
مولودا جميلا
اخترنا له من
الأسماء "يوسف"
تيمنا بملك
تامازغا
العظيم و
تذكارا
لفارس شهم
أبي أدخل
الأمن
والسلام في
قلوب رعاياه
مسلمين و
يهودا.
"هللويا"
"هللويا"....
كثيرة
هي عطاياك
يارب و عظيمة
هي رحمتك....
"هللويا"
"هللويا"....
ممجد
أنت في السماء
يامن يغدق
علينا من
خيراته و
يرعانا بكامل
عطفه ومحبته.