هل نحن فعلا مغاربة؟
بقلم: عبلا الفرياضي _ بويزكارن
ربما يبدو طرح هذا السؤال أمرا غريبا للوهلة الأولى، بل ربما يقول قائل إن طارح هذا السؤال فاقد تماما لأي إحساس بالروح الوطنية.
غير أن تلك الغرابة سرعان ما تزول حين يعلم أن هذا الأمر الغريب فعلا هو الحقيقة بعينها، تلك الحقيقة المرة التي تقض مضجع كل مواطن أمازيغي تسري في شرايينه دماء المواطنة وتتوغل في أعماق كيانه جذور الهوية والانتماء.
فإذا كانت اللغة والثقافة هما المفصل الأساسي الذي به تتمايز الشعوب عن بعضها البعض، فان الشعب الأمازيغي المغربي سوف يشعر ولا ريب بالغبن والاحتقار حين يعلم أنه شعب مع وقف التنفيذ.
ذلك أن الدولة، أية دولة، إن لم تكن شيئا أكثر من القوانين والمؤسسات، فإن أسمى هذه القوانين في طبعته المغربية، هي بالتأكيد قانون عنصري وإقصائي ولا ديمقراطي. فبدل أن يعترف دستور المملكة لهذا الشعب بكامل حقوقه الطبيعية والثقافية.. التي تضمنها له جميع الشرائع السماوية منها والوضعية، أبى بالعكس إلا أن ينتزع منه أبسط هذه الحقوق، ألا وهو حق المواطنة. فلا شك أن تنصيصه صراحة على أن المغرب دولة عربية وإسلامية ولغته الرسمية هي العربية، سوف يدفعنا إلى التساؤل فعلا هل نحن مغاربة؟
فإذا كان المغرب حسب منطوق النص الدستوري دائما، بلدا عربيا، فمن يا ترى نكون نحن الأمازيغ المشكلين لأكثر من 75 في المائة من ساكنة هذا البلد على أقل تقدير؟
إن خطابات العهد الجديد والانتقال الديمقراطي والمفهوم الجديد للسلطة، كلها خطابات سوف تظل مجرد حبر على ورق وكلاما مطلوقا على عواهنه، ما دامت السلطة الحاكمة إلى حدود الآن غير آبهة بمطالب الحركة الأمازيغية في دسترة الأمازيغية وترسيمها.فبدون الحماية القانونية لهذا المكون الحضاري لبلادنا، تظل جميع المبادرات المحتشمة التي قام بها القصر من أجل رد الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغيتين مجرد ذر للرماد في العيون.
وحتى لا يبقى تعامل الدولة مع الملف الأمازيغي ملفوفا بأغطية من ضباب، يتوجب على السلطة الحاكمة أن تحسم فعلا بين أمرين: إما الديمقراطية وإما ما قبل الديمقراطية. فإذا اختارت النهج الديمقراطي، فإن ذلك معناه ترسيم الأمازيغية في الدستور وتقوية صلة المغرب بمحيطه الإفريقي والمتوسطي كخطوة أولى يليها انسحاب المملكة مما يسمى بجامعة الدول العربية وكل الهيئات ذات التوجه القومي العروبي كخطوة ثانية.
وبهذا الشكل يمكن للدولة المغربية أن تحقق أول مصالحة تاريخية وحقيقية مع ذاتها وتاريخها وهويتها وبالتالي مع شعبها.
أما إذا اختارت السلطة الحاكمة النهج الماقبل ديموقراطي، فذلك معناه أن مستقبل المغرب سيظل على كف عفريت. لأن الباب آنذاك إنما سيفتح على مصراعيه أمام احتقانات شعبية لا نعتقد أن المغرب في حاجة إليها.
قد يؤاخذ علينا البعض تحميلنا المسؤولية كاملة للسلطة الحاكمة دون غيرها من الأحزاب والإطارات السياسية فيما يتعلق بترسيم الأمازيغية خصوصا، إلا أننا إذ حملناها المسؤولية لعلمنا فقط أن الفاعل السياسي الوحيد في هذه البلاد هو الملك ولا أحد غير الملك. أما الأحزاب المغربية فليست في الواقع أمام الملك بأحسن حال من حال النعت أمام المنعوت.
فهل يا ترى لن يخلف الملك الموعد مع الديمقراطية بخصوص ملف دسترة الأمازيغية، أم أن دار لقمان سوف تبقى على حالها؟
(elferyadiabd@yahoo.fr)