الحركة الأمازيغية بالمغرب بين هاجس الأسئلة الراهنة ورهان الأجوبة الممكنة              

بقلم: محمد زاهد

مقدمة عامة:

يشكل مبدأ التحرر في مستوى من مستوياته المختلفة، وبمفهومه العميق الشامل، أحد الضوابط والمبادئ التي تؤطر عمل الحركة الأمازيغية بالمغرب وكذا في باقي المواقع الأخرى عبر منطقة شمال إفريقيا (تمازغا) والدياسبورا (الشتات). وهذا ما يعكسه، على التوالي، طبيعة الخطاب الأمازيغي كنسق من الأفكار والمواقف والمبادئ والرؤى، والممارسة ـ النضال الأمازيغي كانعكاس لمضمون هذا الخطاب ذاته. ومن هنا يصبح الفعل النضالي لدى الحركة الأمازيغية يحمل بين طياته هذه الصفة التحررية، ويقوم في نفس الوقت ـ النضال الأمازيغي ـ على مبدأ التحرر السابق كمسلسل لم يكتمل بعد، وخارج دائرة نسق باقي الخطابات العامة الأخرى السائدة الـتي تقول ـ هي الأخرى ـ بمقولة "التحرر" و"التحرير" ...

هذه الخطابات التي تشكلت في ظل ظروف تاريخية وشروط سياسية معينة وعلى أنقاض الخطاب التحرري الأصلي، أصبحت تشكل إلى جانب الخطاب الأمازيغي جزءا أساسيا من ثنائية الخطابات التي ظلت تحكم سيرورة تطور المجتمع المغربي على مر العهود السابقة. ثنائية متناقضة تميزها مظاهر الاستلاب والأحادية والميز والاستعلاء، في مقابل مظاهر التحرر والتنوع والاختلاف والكونية، وهي المظاهر ذاتها التي تؤصل وتؤسس لكل خطاب على حدة، وظلت تفاعلاتها قائمة ومستمرة منذ الماضي في إطار علاقة متشابكة ـ متداخلة أحيانا، ومنفصلة أحيانا أخرى.

واليوم، إذا كانت الحركة الأمازيغية تستمد وجودها ومنطلقاتها ومذهبها وروحها من طبيعة هذا المبدأ ـ التحرر ـ، وبهذا التحديد الذي يجعل من هذه الحركة استمرارية موضوعية وامتدادا عضويا لعمق تجارب الحركات التحررية السابقة في مختلف تجلياتها عبر التاريخ، فقد أصبحت تطرح أسئلة عديدة حول مستويات وميكانيزمات إعادة بناء نموذج ـ تجربة حركة مدنية ببعد تحرري، جماهيري ووطني تؤسس لفعل مبدأ التحرر كمستوى من المستويات المجتمعية التي ينبغي أن يرتكز عليها مشروع الحركة الأمازيغية في سياق انتقالها إلى حركة مجتمعية عبر ثوابت ومبادئ الديمقراطية والوطنية والاستقلالية، وأسس فكر مرجعي أمازيغي يقوم على العقلانية والدينامية والنسبية بأفق كوني وإنساني.

هذه الأسئلة التي اقترنت بأجوبة ـ مداخل تبلورت عبر مخاض بروز سؤال كرونولوجيا سيرورة و دينامية تطور الحركة الأمازيغية منذ أشكال ظهورها الأول وصولا إلى المستويات التي مرت منها خلال العقود الماضية والتحولات ومراحل الانتقال التي خضعت لها هذه الحركة،بموازاة مع سؤال الخيار و البديل الممكن في سياق الشروط الذاتية والموضوعية القائمة حاليا والرهانات المطروحة على تنظيمات الحركة الأمازيغية داخل مجتمع ودولة أصبح فيهما الرهان الأساس هو ضرورة بلورة تجربة أمازيغية ـ مشروع أمازيغي كإجابة علمية على جوهر الإشكالات و القضايا التي تهم الشعب المغربي، لاسيما وأن هذا الرهان يزداد أهمية من منطلق فشل التجارب والمشاريع السابقة،إن لم نقل غيابها بالمرة.

ومن هذا المنطلق تحديدا، وإذا كانت الحركة الأمازيغية بالمغرب طيلة سنوات نضالها قد استطاعت أن تراكم إرثا فكريا و تنظيميا، ووضع أسس بناء تجربة نضالية بكل ما تحمله من عناصر وأخطاء وإيجابيات، فإنه أصبح من المفروض، وفي ظل الواقع القائم بما يعرفه من حركية وتحولات، على الحركة الأمازيغية أن تقف وقفة تأمل ولحظة تدبر في كل المجريات والتفاعلات القائمة، وقفةـ محطة إعادة واستكمال بناء الذات، كقانون وقاعدة تحكم على الدوام سيرورة كل التجارب و الحركات. ومن أبرز الأمثلة التي تثار وتطرح بصدد هذا الموضوع، ما ظل يعكسه السؤال العريض: ما العمل؟ طيلة فترة احتدام النقاش حول البدائل والإجابات الممكنة،وهو سؤال اقترن لدى الحركة الأمازيغية بالمغرب،ومنذ لحظة المخاض الذي عاشت هذه الحركة في السنوات الأخيرة، بمؤشرات تبلور وعي جديد وبروز أراء وتصورات تقوم أساسا على الوعي بأهمية قراءة المرحلة وكذا أهمية لحظة النقد الذاتي والعمل بمبدأ وضابط التراكم، رغم قلة وتواضع تجربة الحركة الأمازيغية بحكم العديد من الظروف. وفي هذا السياق، يبدو النقاش الأمازيغي الذي تولد عن هذا المخاض في مختلف جوانبه، ورغم العديد من الأيجابيات التي حملها على مستوى تبين آفاق النضال الأمازيغي من خلال  إعادة بناء الذات وتغيير ميكانيزمات العمل وطرح إجابات متعددة تخص كيفية تطوير الممارسة النضالية الأمازيغية ،فإن هذا النقاش كان محكوما بنوع الانفعال الذاتي والآني وبلحظة الظرف القائم آنذاك فقط، من دون القفز على بعض الأفكار التي ظلت تتجاوز لحظة الانفعال  الظرفي في اتجاه العمل على تحديد معالم تجربة تنظيمية واعدة ورسم خطوطها العريضة. والواضح أن اللحظة المناسبة لإعادة تشكيل الإجابات المختلفة حول الأسئلة المحورية لدى الحركة الأمازيغية قد تبدو مناسبة في هذه الظرفية بالذات،خصوصا وأن بعض المقاربات التي تولدت عن لحظة الانفعال الظرفي تأكدت حقيقة إستراتيجيتها وآلياتها ونزوعها نحو لعب أدوار وظيفية في إطار مقاربة تروم الارتماء في أحضان المخزن، في مقابل وعي يقظ تجاه ضرورة تقدير المرحلة والتأسيس لخيار سياسي وبديل نضالي أمازيغي. في هذا الإطار،تندرج هذه الأفكار المتواضعة قصد الإسهام في نقاش يروم إعطاء دينامية وتحول جديد للنضال الأمازيغي عبر طرح ورصد مجموعة من الأسئلة المحورية التي يمكن أن تؤسس الإجابة عنها منطلقا لهذه الدينامية بمؤشرات أكثر انسجاما مع الواقع و بقناعات واضحة.

أولا: الحركة الأمازيغية والأسئلة الراهنة

1- سؤال النقد الذاتي

تتحدد أهمية سؤال "النقد الذاتي" من خلال ما تحتله لحظة ومحطة تقييم تجربة الحركة الأمازيغية وقراءاتها وفحص حصيلة مرحلة نضالية بكل إيجابياتها وسلبياتها ورصد عناصر الخلل قصد فسح المجال لتدارك الثغرات المفترض أنها شابت مسار هذا التراكم النضالي، في مقابل ضرورة العمل على إعادة صياغة تصور جديد يأخذ بعبرة الماضي وشروط الحاضر وآفاق المستقبل. والمعلوم أن أي تجربة مهما كانت، يفترض أنها تخضع لسيرورة محكومة بمبدأ "النقد الذاتي" بكل ما يحمله من دلالات نظرية وسياسية، كظابط تنظيمي فعال من شأنه أن يكون العنصر الثابت لاستمرار أي حركة وتنظيم، وذلك عن طريق شرط دينامية وحركية التصور كخط ناظم لكل خطاب علمي وممارسة واضحة.

ومن هنا، فالحركة الأمازيغية مفروض عليها في هذا الظرف أن تقف وقفة تأمل في كل مسار العقود الماضية بما له وما عليه وتكريس هذا المبدأ بالعمل على بلورة ميكانيزمات "النقد الذاتي". والواضح أن غياب هذا العنصر هو ما جعل العديد من الأخطاء والتداخلات القائمة تأخذ من الدينامية النضالية للفعل النضالي الأمازيغي وتحد من تأثيرها. ورغم  العديد من المحطات التي تميز مسار الحركة الأمازيغية، فيلاحظ غياب محطات "النقد الذاتي" كقانون نتجت عن غيابه مجموعة من الظواهر والمظاهر السلبية التي تميز التنظيمات والسلوك النضالي الأمازيغي. لذلك أصبح من الواجب الإجابة على هذا السؤال بما يسمح بتصحيح المسار وإعادة ترتيب الأوليات ووضع منهجية العمل تنسجم والتحديات المفروضة على الحركة الأمازيغية، وتؤسس لفعل نضالي يتجاوز السمات التنظيمية والفكرية السلبية، عن طريق تفعيل آليات الحوار الداخلي وخلق "ضمير جماعي أخلاقي" يشكل النطاق العام للممارسة والنضال الأمازيغي.

2- سؤال بناء التنظيم

إن أهم معضلة عانت منها الحركة الأمازيغية بالمغرب، تتعلق بإيجاد صيغة تنظيمية تتلاءم وطبيعة السلوك التنظيمي الاحتجاجي والفعل النضالي الأمازيغي. ومن هذا المنطلق، فقد ظل هاجس الحركة الأمازيغية وبناء نموذج تجربة تنظيمية رائدة وخلق إطار تنظيمي وبرنامج نضالي وخط فكري كعناصر حاسمة لكل حركة مجتمعية.

ورغم تعدد الصيغ التنظيمية التي اتخذتها الحركة الأمازيغية وفق كل مرحلة وتبعا لكل محدد وحقل نضالي (ثقافي حقوقي، سياسي...) فإن الرهان الأساسي الذي ظل قائما هو خلق تنظيم وطني وجماهيري وديمقراطي يجعل من مبدأ الاستقلالية التامة الخط الناظم، ويعمل على تجاوز الوضعية الراهنة ويخلق آفاق المستقبل من أجل النضال الفعال لتحقيق كل المطالب الديمقراطية للحركة الأمازيغية. هذه الأخيرة التي تحتاج في الوقت الراهن إلى تجذير فعلها النضالي على جميع المستويات والاتجاهات قصد تطوير أدائها وبلورة أشكال تنظيمية متميزة تستجيب للشروط الذاتية والموضوعية القائمة كبديل يتجاوز حالة تأسيس الإطارات الحالية إلى بديل تنظيمي قوي في شكل حركة مجتمعية تشمل تنظيمات موازية من داخل بنية تنظيمية واحدة وثابتة على مستوى جوهرها وتخضع في نفس الوقت لعملية الدينامية والحركية على مستوى المتغيرات. ويكمن المدخل لتحقيق هذا المبتغى في قراءة التراث الأمازيغي على الصعيد السياسي والسلوك التنظيمي والبنيات الموروثة منذ القدم وتحيينها وفق متطلبات الوقت الراهن وكذا في الاستجابة من التجارب الماضية وقراءتها قراءة نقدية تسمح بتجاوز كل المعضلات التي ظلت تؤرق إرادة الأمازيغ على مر العهود الماضية.

إن طبيعة القضية الأمازيغية هي التي تفرض تنظيما وفق هذه الصيغ وتحتم بدائل تنظيمية على هذا النحو قصد بناء ذات بمقومات ومقاييس واضحة ومحددة تقطع مع الأساليب القديمة وتهدف إلى تجديد أدوات النضال الأمازيغي وبناء تنظيم قوي وفعال، يتوخى التأثير في المشهد السياسي والثقافي والحقوقي بالمغرب، كحركة مجتمعية جماهيرية ومستقلة تلبي تطلعات الأمازيغ.

3- سؤال تجديد الخطاب

من الأسئلة التي تطرح نفسها بشدة على الحركة الأمازيغية في الظرف الراهن، سؤال تجديد الخطاب بما يتماشى والتطورات الحاصلة على المستوى الذاتي والموضوعي وكذا مستويات الانتقال والتحول الذي خضعت له الحركة الأمازيغية بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، حتى يتسنى لها تجاوز السمات التي تميز هذا الخطاب ووضع إستراتيجية تروم امتلاك خطاب قادر على تقديم صياغة لعموم الأسئلة والقضايا الكبرى المطروحة في الساحة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في إطار مشروع مجتمعي واضح، وداخل نطاق مبادئ الحداثة والعقلانية النسبية ودينامية التصور والخطاب المفروض أن يشكل بجانب مستوى التنظيم نقط ومكامن القوة عند الحركة الأمازيغية، ذلك أن الخطاب الأمازيغي ينبغي أن يظل دوما الجدار الفكري الصلب الذي لا يمكن تجاوزه بسهولة. ومن جانب التحديات المفروضة على الخطاب الأمازيغي في الوقت الحالي، العمل على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشرائح والفئات الاجتماعية المتخلفة وضرورة اتساعه لكل القضايا والمعضلات المجتمعية حتى يكون بمثابة الخطاب القادر على مواكبة ومعانقة هموم الشعب الأمازيغي في مختلف معاركه النضالية، وذلك عن طريق تغذية هذا الخطاب من مختلف الروافد الديمقراطية الرافضة للإقصاء، والعملية الرصينة والحقول المعرفية، ولكل عناصر مبدأ التحرر، حتى يكون ذلك الخطاب ينسجم وطبيعة القضية التي يحملها من حيث أبعادها ومستوياتها المتعدد.

4- سؤال الانعطاف التاريخي

إن كل حركة مجتمعية محكومة بأسئلة عديدة، من بينها سؤال الانعطاف التاريخي في مسارها وسيرورتها النضالية داخل المجتمع.

وإذا كانت الحركة الأمازيغية قد استطاعت خلال العقود الماضية أن تؤسس لإرث نضالي وتراث فكري وتحقق تراكما مهما، فإنها أصبحت مطالبة بلعب دور متميز داخل مجريات الساحة السياسية والتفاعلات القائمة على صعيد مختلف المجالات، وكذا الانطلاق من أطروحات نظرية واضحة في تناولها وطرحها للبدائل والإجابات الممكنة ومعالجتها لتناقضات المجتمع ومسايرتها للوعي اليومي وتجاوز حدود الممارسة ذات الفعالية المحدودة.

ومن منطلقات سؤال الانعطاف التاريخي، التعبئة الشاملة على أساس أن تكون الحركة الأمازيغية حركة ـ تعبير موضوعي عن هموم وتطلعات فئات الشعب والدفع بنضالاتها نحو آفاق رحبة وفق مسوغات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وخلفيات فكرية وإيديولوجية كعناصر لتشكيل الوعي وبناء الذات وتزايد المد الجماهيري في ارتباط عضوي مع مجمل التطورات. ومن مظاهر الانعطاف التاريخي الذي يرسم معالم كل تجربة نضالية معينة، التحول والتغير الذي ينبغي أن يميز هذه التجربة على مستوى السلوك التنظيمي وطبيعة الخطاب وعناصر المرجعية والأرضية التي تنهل منها،وهذا لا يعني الدعوة الى بناء تجربة طوباوية على شاكلة تجارب "الحلم والغبار" وإنما بناء نموذج تجربة أمازيغية رائدة تتجاوز أعطاب التجارب الماضية بإيقاع محدد ومضمون شامل، وإنساني في نهاية المطاف.

5- سؤال المشروع المجتمعي

لقد استطاعت الحركة الأمازيغية منذ السنوات الأولى لما بعد الاستقلال الشكلي أن تراكم العديد من الأدبيات والمواقف وأن تأخذ من مرجعيات كونية عدة، وقد تجسد ذلك في قدرتها على صياغة أرضيات فكرية وسياسية تشكل في حد ذاتها القاعدة النظرية لبلورة الكثير من المواقف والمبادئ والضوابط والآراء والتصورات والعمل بها كأساس للمنطلقات الفكرية للحركة الأمازيغية، وبفضل ذلك تمكنت هذه الأخيرة من التأسيس لأرضية تعد قاعدة بلورة وصياغة وامتلاك مشروع مجتمعي متكامل يقدم إجابات على مجمل المعضلات والقضايا العالقة في المغرب الراهن والمستقبل وأن تلبي انتظارات الشعب في مختلف المجالات الحيوية، لا سيما أمام فشل التجارب السياسية السابقة بشتى مشاربها الفكرية والأيديولوجية.

وتكمن أولى عناصر بلورة مشروع مجتمعي متكامل في وضع معالم الفكر السياسي الأمازيغي وتحيين منظومة القيم الأمازيغي وأنظمتها القانونية والاقتصادية والسياسية وهياكلها الاجتماعية وتأهيل ذلك قصد مواكبة التحولات والتغييرات العالمية والإقليمية وتجسيد مستوى حركة مجتمعية مناضلة بإرادة وطنية ووعي حر بما يقتضيه ذلك من مستلزمات تقدير المرحلة ومستقبل التطورات القائمة وامتلاك رؤية في صيغة مشروع مجتمعي كنتاج للواقع ظل غائبا عن المغرب منذ سنوات طويلة تتعدى ما قبل 1956.

ومن منطلقات هذا الرهان الذي يواجه الحركة الأمازيغية، الاعتماد على "القواعد الاجتماعية للحركة الأمازيغية" كما يسميها سالم شاكر وكذا الاشتغال على مستوى ما هو اقتصادي وسياسي وهوياتي وحقوقي وثقافي واجتماعي كأساس "للأطروحة المركزية" للنضال الأمازيغي والسعي إلى تذويب مجمل القضايا والمعضلات في القضية الأمازيغية كقضية جوهرية تهم جميع فئات المجتمع في مختلف أبعاده.

وعلى هذا الأساس، أصبح مفروضا على الحركة الأمازيغية أن تعمل وفق جدلية الممارسة والنظرية على كسب رهان بلورة مشروع مجتمعي باعتبارها حركة مجتمعية تدافع عن الكرامة والمواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة كعناوين لكل رؤية شاملة وتصور علمي.

ثانيا: الحركة الأمازيغية والأجوبة الممكنة

إن هذا الموضوع لا يروم تقديم إجابات كاملة عن كل الأسئلة المطروحة على الحركة الأمازيغية، بقدر ما يهدف إلى إثارة بعض العناصر والمحاور التي تشكل أداة لصياغة أجوبة تلامس ما هو فكري وما هو تنظيمي وسياسي، وذلك عبر تفعيل آليات التواصل والحوار الداخلى وتكريس نهج "النقد الذاتي" البناء وإرساء دعائم الاختيارات والتوجهات الكبرى للحركة الأمازيغية وتقوية ركائز ومبادئ الخطاب الأمازيغي وخلق بنية تنظيمية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار المهام المحورية الملقاة على عاتق الحركة الأمازيغية كحركة مجتمعية وكاستمرارية موضوعية للحركات الأمازيغية ذات التمظهرات المختلفة عبر التاريخ، والمناضلة من أجل تحقيق مجموعة من المكتسبات والحقوق وإعادة الاعتبار للأمازيغية في جميع تجلياتها وأبعادها، مع ضرورة وعي الحركة الأمازيغية بأهمية ومحورية وجودها وسط الحركات الاجتماعية الأخرى، وطبيعة أدوارها وأهدافها.

وحتى تبقى الحركة الأمازيغية بمختلف روافدها التنظيمية بمثابة الرقم الصعب في المعادلة السياسية، رغم ما يعتريها من نواقص ومواطن الخلل التي تميز الأداء النضالي لهده الحركة،يجب الأخذ بهده العناصر والشروط:

- تحديد طبيعة العلاقة مع الآخر من سلطة وأحزاب وتيارات المجتمع المدني .

- تحديد كيفية التعامل مع بعض القضايا الراهنة ذات الحساسية على مستوى معالجتها والتموقف من المستجدات السياسية الحالية وخلق قطيعة مع كل معالم الاستلاب.       

-إدراك طبيعة العمل المطلوب من الحركة الأمازيغية في سياق  تفاعلها مع تنظيمات ايمازيغن في مختلف المواقع الأخرى خاصة  الجزائر وبلاد الشتات.

-تحديد  هويتها كحركة مناضلة ومعرفة كيفية مسايرة التطورات  السياسية التي يشهدها المغرب وكذا تحديد الأولويات و التحديات المفروضة عليها وفق طبيعتها.

-خلق تنظيم يراعي تسارع التحولات والأحداث وتجاوز الآليات القديمة وحالة الصراع الذاتي والتشتت وتجسيد روح  الاختلاف البناء ومبادئ الفكر الإنساني ورسم الحدود الفاصلة بين الحركة الأمازيغية و المخزن،وتحديد منطق التحالفات و الخيارات الإستراتيجية.

خاتمة:

لقد استطاعت الحركة الأمازيغية أن تقطع أشواطا مهمة في مسيرتها النضالية عبر عنها تزايد المد الجماهيري و اتساع دائرة الوعي الأمازيغي وتحقيق بعض المكتسبات الرمزية.لكن اليوم، عديدة هي المهام المطروحة على هذه الحركة في شكل أسئلة كبرى تستدعي إجابات كل الفاعلين، والتي من شأنها الدفع بالحركة الأمازيغية نحو الأمام.


 

Free Web Hosting