الحكومة المغربية تحارب النكت وتسكت عن الأكاذيب

بقلم: مبارك بلقاسم

لا بد أن أي أحد قرأ مقال السيد محمد منيب في جريدة «ثاويزا»، عدد 114، قد يصدم من التدليس والتزوير الرسمي في كتاب التاريخ الموجه لتلاميذ بالغين في سنة الباكالوريا. وبيّن السيد محمد منيب كيف أن مؤلفي كتاب التاريخ الجديد للباكالوريا قد زوروا تاريخ اعتلاء محمد بن يوسف عرش المغرب. وأيضا زوروا حيثيات إصدار الظهير المنظم لسير العدالة بالمناطق ذات الأعراف البربرية (أي الأمازيغية) أو مايسميه «المغاربة العرب» ذوو التوجهات النازية العربية عمدا «الظهير البربري». ولا يخفى أن هذا التزوير المتذاكي قد استهدف شيئين أساسيين في تقديري:

1-فبعد أن قامت «الحركة الوطنية» وأحفادها من حكام المغرب اليوم بشيطنة الظهير، أصبح عليها لزاما أن تسعى لإجراء «تعديل» في مشروع «الظهير البربري» وذلك بالتشطيب على حقيقة إصدار الظهير الملعون من طرف المؤسسة الملكية ومحمد الخامس بالذات عبر الإيحاء بأن الظهير قد أصدره المقيم العام Lucien Saint “خلسة” دون أن يكون الملك محمد الخامس معنيا بالأمر. في حين أن المقيم العام لا يصدر ظهائر بل يصدر قرارات أو دوريات. فما دام “الظهير البربري” شيطانيا خبيثا فلنلصقه بفرنسا ولنكلف الأمازيغ بمهمة أبدية هي غسل العار والتكفير عن ذنب الظهير.

2-السبب الثاني هو أن المقابل المضاد للترويج لـ”الظهير البربري” هو التناول الموضوعي للظهير في كتب التاريخ ووسائل الإعلام ابتداء باستخدام الاسم الحقيقي له وهو: “الظهير المنظم لسير العدالة بالمناطق ذات الأعراف البربرية (أي الأمازيغية)” وعرض محتوياته كاملة أمام الملأ وفي الكتب المدرسية وتبيان حيثيات إصداره وظروفه التاريخية وتبيان الحقيقة الهامة التي تقول بأن الملك محمدا الخامس هو الذي وقعه وسانده لأنه رأى فيه مصلحة للشعب المغربي. وزيادة على ذلك فالملك محمد بن يوسف وجه رسائل قرأها الأئمة في كبريات مساجد فاس والرباط وسلا وغيرها بتاريخ 11 غشت 1930 تقول للأسر المخزنية: “قد قامت شرذمة من صبيانكم الذين يكادون لم يبلغوا الحلم وأشاعوا ولبئس ما صنعوا أن البربر بموجب الظهير الشريف تنصروا وما دروا عاقبة فعلهم الذميم وما تبصروا..”. إن النخبة المغربية وأحفاد “الحركة الوطنية” الذين يحكمون المغرب اليوم غير مستعدين اليوم لقول الحقيقة أو تركها تشع في كتب المدارس وقنوات الإعلام لأنها بذلك ستهدم أسس مشروعيتهم هدما شاملا لأنها قامت على الأكاذيب والتدليس. ويدل كل هذا أنهم يستغلون الملوك المغاربة والشعب الأمازيغي المغربي لمصالحهم وامتيازاتهم ومشاريعهم.

وبذلك فالحل الذي اهتدت إليه هذه العصابة العربية هو الهروب إلى الأمام عبر التزوير وكسب المزيد من الوقت إلى أن تتكون ظروف جديدة بمغرب اليوم والغد تمكنهم من الإفلات من المسؤولية التاريخية بشكل ما.

أما الحكومة المغربية برئاسة إدريس جطو (الأمازيغي، زعما، والبعيد عن النخبة الفاسية والمحيط الحزبي المتعفن) فلم يحرك ساكنا في القضية في نفس الوقت الذي توفر له متسع من الوقت لاجتياح جريدة “نيشان” المغربية وجمع أعدادها من السوق ومنعها من التداول...إلخ، فقط لأنها نشرت نكتا يتداولها بعض المغاربة. فالنكت على الأقل شيء حقيقي له أساس اجتماعي ثقافي وهي موجودة على أرض الواقع بعكس خزعبلة “الظهير البربري”. لقد كان حريا بالوزير أن يأمر فورا بجمع كتب التاريخ المزور من الأسواق والمكتبات على الفور ثم يتدارس الموضوع بشكل استعجالي مع وزير التربية الوطنية وذلك لصياغة قرار بإنزال كتب مدرسية جديدة في المكتبات المغربية خالية من الأكاذيب التاريخية والسموم النازية العربية العنصرية.

فهل هم منتهون؟!

     (مبارك بلقاسم)


 

Free Web Hosting